قوله تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ يعني: أفلا يسمعون القرآن، ويعتبرون به، ويتفكرون فيما أنزل الله تعالى فيه، من وعد ووعيد، وكثرة عجائبه، حتى يعلموا أنه من الله تعالى، وتقدس. أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها يعني: بل على قلوب أقفالها. يعني: أقفل على قلوبهم ومعناه: أن أعمالهم لغير الله ختم على قلوبهم.
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ يعني: رجعوا إلى الشرك مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى يعني: من بعد ما ظهر لهم الإسلام. قال قتادة: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ وهم أهل الكتاب عرفوا نعت النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وكفروا به. ويقال: نزلت في المرتدين.
ثم قال عز وجل: الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ يعني: زين لهم ترك الهدى، وزين لهم الضلالة. وَأَمْلى لَهُمْ ذلِكَ قرأ أبو عمرو: وَأُمْلِى بضم الألف، وكسر اللام، وفتح الياء على معنى فعل ما لم يسم فاعله. والباقون وَأَمْلى بنصب اللام، والألف. يعني: أمهل الله لهم، فلم يعاقبهم حين كذبوا محمدا صلّى الله عليه وسلم. ويقال: زَيَّنَ لهم الشيطان، وأملى لهم الشيطان.
يعني: خيل لهم تطويل المدة، والبقاء. وقرأ يعقوب الحضرمي: وَأُمْلِى بضم الألف، وكسر اللام، وسكون الياء. ومعناه: أنا أملي يعني: أطول لهم المدة كما قال: إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً ثم قال ذلك: يعني: اللعن، والصمم، والعمى، والتزين، والإملاء.
بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ وهم المنافقون، قالوا ليهود بني قريظة والنضير وهم الذين كرهوا ما نزل الله. يعني: تركوا الإيمان بما أنزل الله من القرآن، سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ يعني: سنغنيكم في بعض الأمر، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ فيما قالوا فيما بينهم. قرأ حمزة، والكسائي، وعاصم، في رواية حفص: إِسْرارَهُمْ بكسر الألف. والباقون:
بالنصب. فمن قرأ: بالنصب. فهو جمع السر. ومن قرأ: بالكسر، فهو مصدر أسررت إسراراً. ويقال: سر وأسرار.
ثم خوفهم فقال الله تعالى: فَكَيْفَ يعني: كيف يصنعون إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ