قوله تعالى: وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً بالنقمة لمن مات على كفره، ونفاقه. حَكِيماً في أمره، وقضائه، حكم بالنصرة للنبي صلّى الله عليه وسلم.
ثم قال: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً يعني: بعثناك شاهداً بالبلاغ إلى أمتك وَمُبَشِّراً لمن أجابك بالجنة وَنَذِيراً يعني: مخوفاً للكفار بالنار لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ يعني: لتصدقوا بالله فيما يأمركم، وتصدقوا برسوله محمد صلّى الله عليه وسلم وَتُعَزِّرُوهُ يعني: لكي تعينوه، وتنصروه على عدوه بالسيف، وَتُوَقِّرُوهُ أي: تعظموا النبي صلّى الله عليه وسلم وَتُسَبِّحُوهُ يعني: تصلوا لله تبارك وتعالى بُكْرَةً وَأَصِيلًا يعني: غدوة وعشياً. فكأنه قال: لتؤمنوا بالله وتسبحوه، وتؤمنوا برسوله، وتعزروه، وتوقروه. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: لِيُؤْمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ ويعزّروه ويوقّروه ويسبّحوه كلها بالياء على معنى الخبر عنهم، وقرأ الباقون: بالتاء على معنى المخاطبة، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: دَائِرَةُ السوء بضم السين. وقرأ الباقون: بالنصب، كقولك رجل سوء، وعمل سوء، وقد روي عمر عن ابن كثير، وأبي عمرو: بالنصب أيضا.
[سورة الفتح (٤٨) : الآيات ١٠ الى ١٤]
إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١٠) سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١١) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (١٢) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً (١٣) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٤)
قوله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ يعني: يوم الحديبية تحت الشجرة، وهي بيعة الرضوان، قال الكلبي: بايعوا تحت الشجرة، وهي شجرة السَّمرة، وهم يومئذٍ ألف وخمسمائة وأربعون رجلاً. وروى هشام عن محمد بن الحسن قال: كانت الشجرة أم غيلان. إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يعني: كأنهم يبايعون الله، لأن النبيّ صلّى الله عليه وسلم إنما بايعهم بأمر الله تعالى. ويقال:
إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ أي: لأجله، وطلب رضاه.