ثم قال عز وجل: أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ.
ثم بيّن جهلهم، وقلة أحلامهم، أنهم يجعلون لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ لأنفسهم.
قال عز وجل: أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً ومعناه: أن الحجة واجبة عليهم من كل وجه، لأنك قد أتيتهم بالبيان والبرهان، ولم تسألهم على ذلك أجرا. فقال: أَمْ تَسْأَلُهُمْ يعني: أتطلب منهم أَجْراً بما تعلمهم من الأحكام، والشرائع. فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ يعني: من أجل المغرم، يمتنعون عن الإيمان. يعني: لا حجة لهم في الامتناع، لأنك لا تسأل منهم أجراً، فيثقل عليهم لأجل الأجر.
قوله عز وجل: أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ يعني: عندهم الغيب بأن الله لا يبعثهم فَهُمْ يَكْتُبُونَ يعني: أمعهم كتاب يكتبون بما شاؤوا؟ يعني: ما في اللوح المحفوظ، فهذا كله لفظ الاستفهام، والمراد به: الزجر.
ثم قال عز وجل: أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً بل يريدون وعيدا بالنبي صلّى الله عليه وسلم فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ يعني: بل هم المعذبون، الهالكون.
قوله عز وجل: أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يعني: ألهم خالق غير الله يخلق، ويرزق، ويمنعهم من عذابنا سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ يعني: تنزيها لله تعالى عما يصفون من الشريك، والولد.
ثم ذكر قسوة قلوبهم فقال: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يعني: جانباً من السماء ساقطاً عليهم يَقُولُوا يعني: لقالوا من تكذيبهم سَحابٌ مَرْكُومٌ يعني: متراكماً بعضه على بعض، لأنهم كانوا يقولون: لا نؤمن بك حتى تسقط علينا كسفاً.
ثم قال الله تعالى: لو فعلنا ذلك، لم يؤمنوا، ولا ينفعهم من قسوة قلوبهم.
ثم قال: فَذَرْهُمْ يعني: فتخل عنهم يا محمد حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ يعني: يعاينوا يومهم الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ يعني: يموتون. ويقال: يعذبون. قرأ عاصم، وابن عامر، يُصْعَقُونَ بضم الياء والباقون. يُصْعَقُونَ بنصب الياء، وكلاهما واحد، وهما لغتان.
ثم وصف حالهم في ذلك اليوم فقال: يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً يعني:
لا ينفعهم صنيعهم شيئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ يعني: لا يمنعون مما نزل بهم من العذاب.
ثم قال عز وجل: وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ يعني: من قبل عذاب النار قد روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: عذاب القبر وقال معمر عن قتادة: قال: عذاب القبر في القرآن.