ثم قال عز وجل: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ يعني: من دون الجنتين اللتين ذكرهما، جنتان أخروان. فالأوليان جنة النعيم وجنة عدن، والأخريان جنة الفردوس وجنة المأوى فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يعني: قد ذكر للمتقين جنتين، وجنتان أخريان، زيادة على الكرامة. فكيف تنكرون فضل ربكم. وكرامته.
ثم وصف الجنتين الأخريين فقال: مُدْهامَّتانِ يعني: خضراوان. ويقال: التي تضرب خضرها إلى السواد فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ بعني جعل لكم الجنان المخضرة، لأن النظر في الخضرة يُجلي البصر، فكيف تنكرون وحدانيته.
ثم قال: يهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ
يعني: ممتلئتان فوارتان. وقال القتبي: يعني: تفوران بالماء، والنضخ أكثر من النضح. وقال مجاهد: ضَّاخَتانِ
يعني: مملوءتان من الخير لا ينقطعان فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يعني: كيف تنكرون من جعل لكم فيهما عينان تفوران على الدوام، ولا انقطاع لهما.
ثم قال عز وجل: فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ يعني: في الجنتين الأخريين من ألوان الفاكهة. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ معناه: في الجنتين الأخريين من ألوان الفاكهة، كمثل ما في الأوليين، فأنتم تجدون فيها ألواناً من الثمار، والفواكه. فكيف تنكرون هذه النعمة.
ثم قال عز وجل: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ يعني: في الجنان كلها زوجات حسان. وقال الزجاج: أصله في اللغة خيرات. وقد قرئ بالتشديد، وقراءة العامة بالتخفيف. وقال مقاتل:
خَيِّرات الأخلاق، حسان الوجوه، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يعني: في هذه الجنان الأربعة، في كل واحدة منها تجدون خيرة زوجة هي أحسن بما في الأخرى، فكيف تنكرون عزة ربكم ولا تشكرونه.
ثم وصف الخيرات فقال: حُورٌ مَقْصُوراتٌ يعني: محبوسات فِي الْخِيامِ على أزواجهن. وقال ابن عباس: الخيمة الواحدة من لؤلؤة مجوفة فرسخ في فرسخ لها أربعة آلاف


الصفحة التالية
Icon