إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً يعني: إلا قولاً وكلاماً يسلم بعضهم على بعض، ويبعث الله تعالى إليهم الملائكة بالسلام، فهذا كله نعت السابقين.
ثم ذكر الصنف الثاني فقال: وَأَصْحابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحابُ الْيَمِينِ يعني: ما لأصحاب اليمين من الخير، والكرامة، على وجه التعجب.
ثم وصف حالهم فقال: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ يعني: لا شوك له كالدر الذي يكون في الدنيا. وقال قتادة: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ يعني: كثير الحمل. أي: ليس له شوك. وقال القتبي: كأنه نضد شوكه. يعني: قطع. وروي في الخبر: أنه لما نزل ذكر السدر، قال أهل الطائف: إنها سِدْرنا هذا. فنزل مَخْضُودٍ يعني: موقر بلا شوك.
ثم قال: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وقال مقاتل: يعني: الموز المتراكم بعضه على بعض. وقال قتادة: هو الموز، وهذا روي عن ابن عباس. والمنضود الذي نضد بالحمل من أوله إلى آخره.
ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ: وطلع مَّنْضُودٍ كقوله تعالى: طَلْعٌ نَضِيدٌ كقوله تعالى: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ يعني: دائماً لا يزول. وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: في الجنة شجرة يسير الراكب، في ظلها مائة عام، ما يقطعها اقرءوا إن شئتم وَظِلٍّ مَمْدُودٍ.
ثم قال: وَماءٍ مَسْكُوبٍ يعني: منصباً كثيراً. ويقال: يعني منصباً من ساق العرش وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ يعني: الفاكهة كثيرة لاَّ مَقْطُوعَةٍ يعني: لاَّ مَقْطُوعَةٍ يعني: لا تنقطع عنهم في حين كما يكون في فواكه الدنيا، بل توجد في جميع الأوقات وَلا مَمْنُوعَةٍ يعني:
لا تمنع منهم، والممنوعة أن ينظر إليها، ولا يقدر أن يأكلها كأشجار الدنيا. وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ بعضها فوق بعض مرتفعة.
ثم قال عز وجل: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً يعني: الجواري، والزوجات. يقال: نساء الدنيا خلقناهن خلقاً بعد خلق الدنيا. ويقال: إنهن أفضل، وأحسن من حور الجنة، لأنهن عملن في الدنيا، والحور لم يعملن. وعن أنس بن مالك، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً قال: «إنَّ مِنَ المُنْشِآتِ الَّتِي كُنَّ فِي الدُّنْيَا عَجِائِزَ عُمْشاً رُمْصاً زُمْناً».
ثم قال: فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً يعني: خلقناهن أبكارا عذارى.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٣٧ الى ٥٦]
عُرُباً أَتْراباً (٣٧) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠) وَأَصْحابُ الشِّمالِ مَا أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١)
فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لاَّ بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦)
وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١)
لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦)