يعني: من قبل أن يمس كل واحد منهما صاحبه. وفي الآية دليل أن المرأة لا يسعها أن تدع الزوج يقربها قبل الكفارة، لأنه نهاهما جميعاً عن المسيس قبل الكفارة، واتفقوا على أنه إذا أفطر في شهرين يوماً بغير عذر عليه أن يستقبل، واختلفوا فيمن أفطر لمرض، أو عذر، أو غيره.
قال عطاء إذا أفطر من مرض، فالله أعذره بالعذر يبدله، ولا يستأنف، وقال طاوس:
يقضي ولا يستأنف، وهكذا قال سعيد بن المسيب: فهؤلاء كلهم قالوا: لا يستقبل، وقال إبراهيم النخعي والزهري والشعبي: يستقبل، وهكذا قال عطاء الخراساني، والحكم بن كيسان، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم.
ثم قال: فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الصيام فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً يعني: فعليه في قول أهل المدينة لكل مسكين صاع من الحنطة. أو التمر.
وفي قول أهل العراق منوان من حنطة، أو صاع من تمر، بدليل ما روى سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر البياض، قال: كنت أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من أهلي، فتظاهرت من أهلي حتى ينسلخ الشهر، فبينما هي تخدمني ذات ليلة، إذ انكشف لي منها شيء، فواقعتها، فلما أصبحت أخبرت قومي، فقلت: اذهبوا معي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقالوا: ما نذهب وما نأمن أن ينزل فيك قرآن، فأتيته فأخبرته، فقال: «حَرِّرْ رَقَبَةً»، فقلت ما أملك إلا رقبتي، قال: «فَصُمْ شَهْرَيْنِ»، قلت: وهل أصابني إلا من قبل الصيام، قال: «فأَطْعِمْ وَسْقاً مِنْ تَمْرٍ سِتِّينَ مِسْكِيناً»، قلت: والذي بعثك بالحق نبياً لقريش ما لنا طعام. ثم قال: «انْطَلِقْ إلى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ، فَلْيَدْفَعْهَا إلَيْكَ» فرجعت إلى قومي فقلت: وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم السعة وحسن الرأي، وقد أمر لي بصدقتكم، فقد بين في هذا الخبر أنه يجب وسقاً من تمر، والوسق ستون صاعاً، بالاتفاق.
ثم قال: ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ يعني: لتصدقوا بوحدانية الله تعالى وَرَسُولِهِ يعني:
وتصدقوا برسوله وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يعني: هذه فرائض الله، وأحكامه وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني: الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وبرسوله، وروي عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلها، إن المرأة لتناجي النبي صلّى الله عليه وسلم يسمع بعض كلامها، ويخفى عليه بعضه، إذا أنزل الله تعالى قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وهكذا قال الأعمش.


الصفحة التالية
Icon