كفرهم، فأمر الله تعالى أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلم أن يقتدوا بهم. ثم قال: إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ، يعني: اقتدوا بهم إِلاَّ قَوْلَ إبراهيم لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ يعني: لأدعون لك أن يهديك الله ويكون على هذا التفسير إلا بمعنى لكن قَوْلَ إبراهيم لاًّبِيهِ لاّسْتَغْفِرَنَّ لك يعني: لأدعون لك أن يهديك الله يعني: هذا التفسير إلا بمعنى لكن قول إبراهيم لأبيه بالهدى. ثم قال: وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ يعني: إبراهيم تبرأ من قومه، لكنه يدعو لأبيه لاستغفرن لك يعني: لأدعون لك أن ثم علَّمهم ما يقولون، فقال: قولوا رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا يعني: فوَّضنا أمرنا إليك وأمر أهالينا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا يعني: أقبلنا إليك بالطاعة وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ يعني: المرجع في الآخرة. قوله تعالى: رَبَّنا لاَ تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، فتقتر علينا الرزق وتبسط عليهم، فيظنوا أنهم على الحق ونحن على الباطل وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وفي قراءة عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- إِنَّكَ أَنتَ الغفور الرحيم.
وقال بعضهم: هذا كله حكاية عن قول إبراهيم أنه دعا ربه بذلك، ويقال: هذا تعليم لحاطب بن أبي بلتعة هلاّ دعوت بهذا الدعاء، حتى ينجو أهلك، ولا يسلط عليهم عدوك. قوله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ يعني: في إبراهيم وقومه في الاقتداء. لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ يعني: لمن يخاف الله ويخاف البعث ويقال: لِمَنْ كانَ يَرْجُوا
ثواب الله وثواب يوم القيامة. وَمَنْ يَتَوَلَّ يعني: يعرض عن الحق ويقال: يأبى عن أمر الله تعالى. فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ يعني: الغني عن عباده الحميد في فعاله.
[سورة الممتحنة (٦٠) : الآيات ٧ الى ١٠]
عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧) لاَّ يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠)
ثم قال عز وجل: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ يعني: لعل الله أن يجعل بينكم وَبَيْنَ


الصفحة التالية
Icon