القياس لا يصح. لأنه ليس بينهما جامع يجمع بينهما. وذكر عن عمر وعلي- رضي الله تعالى عنهما- أن جارية كانت بين رجلين، جاءت بولد فادعياه. فقالا: إنه ابنهما يرثهما ويرثانه.
ثم قال عز وجل: وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ قرأ عاصم تظاهرون بضم التاء وكسر الهاء والألف. وقرأ ابن عامر: تظاهرون بنصب التاء والهاء وتشديد الظاء. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: تُظْهِرُونَ بنصب التاء والهاء بغير ألف والتشديد. وقرأ حمزة والكسائي/ تظهرون بنصب التاء والتخفيف مع الألف. وهذه كلها لغات. يقال: ظاهر من امرأته، وتظاهر، وتظهر بمعنى واحد. وهو أن يقول لها: أنت علي كظهر أمي. فمن قرأ: تظّاهرون بالتشديد، فالأصل تظهرون، فأدغم إحدى التاءين في الظاء وشددت. من قرأ تظاهرون فالأصل يتظاهرون فأدغمت إحدى التاءين. ومن قرأ بالتخفيف حذف إحدى التاءين، ولم يشدد للتخفيف كقوله: تُسْئَلُونَ والأصل تتساءلون، والآية نزلت في شأن أوس بن الصامت حين ظاهر من امرأته وذكر حكم الظهار في سورة المجادلة.
ثم قال تعالى: وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ نزلت في شأن زيد بن حارثة حين تبنّاه النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: فكما لا يجوز أن يكون لرجل واحد قلبان، فكذلك لا يجوز أن تكون امرأته أمه، ولا ابن غيره يكون ابنه.
ثم قال: ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ يعني: قولكم الذي قلتم زيد بن محمد صلّى الله عليه وسلم أنتم قلتموه بألسنتكم وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ يعني: يبيّن الحق، ويأمركم به كي لا تنسبوا إليه غير النسبة وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ يعني: يدلّ على طريق الحق. يقال: يدلّ على الصواب بأن تدعوهم إلى آبائهم. وروى أبو بكر بن عياش عن الكلبي قال: كان زيد بن حارثة مملوكاً لخديجة بنت خويلد، فوهبته خديجة من رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأعتقه، وتبناه، فكانوا يقولون زيد بن محمد فنزل قوله: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ يعني: انسبوهم لآبائهم. فقالوا: زيد بن حارثة هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ يعني: أعدل عند الله عز وجل: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ يعني: إن لم تعلموا لهم آباء تنسبونهم إليهم فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ أي: قولوا ابن عبد الله وابن عبد الرحمن وَمَوالِيكُمْ يعني: قولوا مولى فلان. وكان أبو حذيفة أعتق عبداً يقال له: سالم وتبناه، فكانوا يسمونه سالم بن أبي حذيفة. فلما نزلت هذه الآية سموه سالماً مولى أبي حذيفة.
ثم قال: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ يعني: أن تنسبوهم إلى غير آبائهم قبل النهي. ويقال: ما جرى على لسانهم بعد النهي، لأن ألسنتهم قد تعودت بذلك وَلكِنْ الجناح فيما مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ يعني: قصدت قلوبكم بعد النهي.
وروي عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمرو عن عبد الله بن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «تَجَاوَزَ الله عَنْ أمَّتِي الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ». وروي عن سعد بن أبي