وقال القتبي: حُسُوماً أي: متتابعة. وأصله من حسم الداء، لأنه يكون مرة بعد مرة.
فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى يعني: في الريح ويقال: في الأيام ويقال: في القرية.
صَرْعى يعني: موتى ويقال: هلكى ويقال: قلعى مطروحين. كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ يعني: منقلعة ساقطة. وروى شهر بن حوشب، عن ابن عباس قال: ما أنزل الله تعالى قطرة من ماء إلا بمثقال، ولا شعرة من الريح إلا بمكيال، إلا يوم عاد ونوح. وأما الريح فعتت على خزائنها يوم عاد، فلم يكن لهم عليها سبيل. وأما الماء، طغى على خزانة يوم نوح، فلم يكن لهم عليه سبيلاً، كما قال الله تعالى: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ [الحاقة: ١١] الآية. ثم قال عز وجل: فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ؟ يعني: لم يبق أحداً منهم.
ثم قال عز وجل: وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ. وقرأ أبو عمرو، والكسائي، ومن قبله بكسر القاف ونصب الياء الموحدة، يعني: ظهر فرعون وأتباعه وأشياعه والباقون بنصب القاف وجزم الباء يعني: من تقدمه من عتاب الكفار. ثم قال: وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ يعني:
قريات قوم لوط، يعني: جاء فرعون وقوم لوط بالخاطئة يعني: بالشرك وبأعمالهم الخبيثة.
فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ يعني: كذبوا رسلهم، فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً يعني: عاقبهم الله عقوبة شديدة.
[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ١١ الى ١٧]
إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (١٢) فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً (١٤) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١٥)
وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ (١٧)
ثم قال عز وجل: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ يعني: طغى على خزانة يوم نوح، كما روي عن ابن عباس. ويقال: طغى الماء، أي ارتفع ويقال في اللغة: طغى الشيء، إذا ارتفع جداً.
وقال قتادة: إنه طغى فوق كل شيء خمسة عشر ذراعاً. حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ يعني:
السفينة، ومعناه: حين غرق الله تعالى قوم نوح، حملناكم يا محمد في السفينة في أصلاب آبائكم. لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً
يعني: لنجعل هلاك قوم نوح لكم عبرة لتعتبروا بها. وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ
يعني: يسمع هذا الخبر أذن سامعة، ويحفظها قلب حافظ على معنى الإضمار.
ثم رجع إلى أول السورة فقال: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ يعني: نفخ إسرافيل فى الصور نفخة واحدة. ثم قال: وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ يعني: قلعت ما على الأرض