قوله تعالى: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ يعني: المصدقين بوحدانية الله تعالى، وَمِنَّا الْقاسِطُونَ يعني: العادلين عن طريق الهدى ويقال: الْقاسِطُونَ يعني: الجائرين. يقال:
قسط الرجل، إذا جار. وأقسط، إذا عدل. كقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. ثم قال:
فَمَنْ أَسْلَمَ يعني: أقر بوحدانية الله تعالى وأخلص بالتوحيد له، فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً يعني: نوراً وتمنوا وقصدوا ثواباً.
ثم قال عز وجل: أَمَّا الْقاسِطُونَ
يعني: العادلين عن الطريق، الجائزين، كانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً
يعني: وقوداً- قال الله تعالى: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ. قال مقاتل: لو استقاموا على طريقة الهدى، يعني: أهل مكة، لَأَسْقَيْناهُمْ مَّاء غَدَقاً يعني: كثيراً من السماء، كقوله: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ [الأعراف: ٩٦] ثم قال عز وجل: لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ يعني: لنبتليهم به، كقوله: وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً [الزخرف: ٣٣] الآية. وقال قتادة: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ، يعني:
آمنوا لوسّع الله عليهم الرزق وقال القتبي: هذا مثل ضربه الله تعالى للزيادة في أموالهم ومواشيهم، كقوله: وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ ثم قال: وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يعني:
توحيد ربه ويقال: يكفر بمحمد صلّى الله عليه وسلم والقرآن، يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً يعني: يكلفه الصعود على جبل أملس. وقال مقاتل: عَذاباً صَعَداً أي: شدة العذاب. وقال القتبي: يعني: شاقاً وقال قتادة: صعوداً من عذاب الله تعالى، لا راحة فيه.
[سورة الجن (٧٢) : الآيات ١٨ الى ٢٨]
وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (١٨) وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (١٩) قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (٢٠) قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢)
إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (٢٣) حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (٢٤) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (٢٥) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (٢٧)
لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (٢٨)


الصفحة التالية
Icon