قوله تعالى: عالِمُ الْغَيْبِ يعني: هو عالم الغيب، فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً يعني:
هو الذي يعلم وقت نزول العذاب، ولا يطلع على غيبه أحداً من خلقه. قوله تعالى: إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ يعني: إلا من اختار لرسالته، فإنه يطلعه على ما يشاء من الغيب، ليكون دلالة لنبوته. فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً يعني: من الملائكة بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومن خلفه، ليحفظوه من الشياطين لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ يعني:
ليعلموا الرسول أن الذي أنزل إليه من رسالات الله وذلك أن الملائكة لو لم يرصدوهم، لما يستمعوا حين يقرأ جبريل، ثم يفشون ذلك قبل أن يخبرهم الرسول، فلا يكون بينهم وبين الأنبياء فرق، ولا يكون للأنبياء دلالة، ثم لا يقبل قولهم.
وروى أسباط، عن السدي في قوله: إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً إذا بعث إليه تعالى نبياً، جعل معه حفظة من الملائكة. فإذا جاء الوحي من الله تعالى، قالت الملائكة: هذا من الله. فإذا جاءه الشيطان، قالت الحفظة: هذا من الشيطان.
لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ يعني: ليعلم الجن أن الرسل قد أبلغوا الرسالة لأنهم تمازحوا من استراق السمع. وقال سعيد بن جبير: لم يجيء جبريل قط بالقرآن، إلا ومعه أربعة من الحفظة. ثم قال عز وجل: وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ يعني: الله تعالى عالم بما عند الأنبياء ويقال: عالم بهم. وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً يعني: عدد الملائكة، وعلم نزول العذاب ووقته وغير ذلك والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.


الصفحة التالية
Icon