ملصقاً بهم لأنه ذكر أن أباه المغيرة تبناه بعد ما أتت ثمانية أشهر ولم يكن منه كما قال الله تعالى عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) [القلم: ١٣] وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً يعني: غير منقطع عنه وبنين شهوداً لا يغيبون عنه ولا يحتاجون إلى التصرف وكان له عشرة من البنين وهذا قول الكلبي وغيره وقال مقاتل: سبع بنين وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً يعني: بسطت له في المال والخير بسطاً ويقال: أمهلت له إمهالاً ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ يعني: يطمع أن أزيد ماله وولده. وذلك أنه تفاخر على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال لي: مالاً ممدوداً ولي عشرة من البنين فلا يزال يزداد مالي وبني فنزل ثم يطمع أن أزيد يعني: أن أزيد وهو يعصيني كَلَّا يعني: وهو رد عليه يعني: لا أزيد فما أزداد ماله بعد ذلك ولا ولده ولكن أخذ في النقصان فهلك عامة ماله وولده قوله تعالى: إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً يعني: مكذباً معرضاً عنها معاندا ثم قال عز وجل: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً يعني: يكلف في النار صعود جبل من صخرة ملساء في الباب الخامس تسمى سقر فإذا بلغ رأس العقبة دخل دخان في حلقة فيخرج من جوفه ما كان في جوفه من الأمعاء فإذا سقط في أسفل العقبة سقي من الحميم فإذا بلغ أعلاه انحط منه إلى أسفله من مسيرة سبعين سنة وقال مجاهد: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً يعني: مشقة من العذاب وقال الزجاج: سأحمله على مشقة من العذاب ويقال: سأكلفه الصعود على عقبة شاقة والصعود والكؤود بمعنى واحد ثم ذكر خبث أفعاله الذي يستوجب به العقوبة فقال: إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ يعني: إنه فكر في أمر محمد صلّى الله عليه وسلم وقدر في أمره وقال ساحر يقول الله عز وجل: فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ يعني: فلعن كقوله: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) [الذاريات: ١٠]. ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ وذلك حين اجتمعوا في دار الندوة ليدبروا أمر محمد صلّى الله عليه وسلم وقالوا: هذه أيام الموسم والناس مجتمعون وقد فشا قول هذا الرجل في الناس وهم سائلون عنه فماذا تجيبون وتردون عليهم فقالوا نقول إنه مجنون وقال بعضهم: إنهم يأتونه ويكلمونه فيجدونه فصيحاً عاقلاً فيكذبونكم فقالوا: نقول شاعر قال بعضهم: هم العرب وقد رأوا الشعراء وقوله: لا يشبه الشعر فيكذبونكم قالوا: نقول كاهن قال بعضهم: إنهم لقوا الكهان وإذا سمعوا قوله وهو يستثني في كلامه المستقبل فيكذبونكم ففكر الوليد بن المغيرة ثم أدبر عنهم ثم رجع إليهم وقال: فكرت في أمره فإذا هو ساحر يفرق بين المرء وزوجه وأقربائه فاجتمع رأيهم على أن يقولوا: ساحر فقتل كيف قدر يعني: كيف قدر بمحمد صلّى الله عليه وسلم بالسحر ثم قتل يعني لعن مرة أخرى أي: اللعنة على أثر اللعنة كيف قدر هذا التقدير الذي قال للكفرة إنه ساحر ثُمَّ نَظَرَ يعني: ثم نظر في أمر محمد صلّى الله عليه وسلم ثُمَّ عَبَسَ يعني: عبس وجهه أي: كلح وتغير لون وجهه وقال الزجاج: ثم عبس وجهه وَبَسَرَ أي:
نظر بكراهة شديدة ثُمَّ أَدْبَرَ يعني: أعرض عن الإيمان وَاسْتَكْبَرَ يعني: تكبر عن الإيمان ثم قال: إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ يعني: تأثره من صاحب اليمامة يعني: يرويه عن مسيلمة الكذاب ويقال: معناه: ما هذا الذي يقول: إلا سحر يرويه عن جابر ويسار ويقال عن أهل