بابل: إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ يعني: ما هذا القرآن إلا قول الآدمي قال الله تعالى: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ يعني: سأدخله سقر قال مقاتل: يعني: الباب الخامس وقال الكلبي: هو اسم من أسماء النار وَما أَدْراكَ مَا سَقَرُ تعظيماً لأمرها ثم بين قال: لاَ تُبْقِي وَلا تَذَرُ يعني: لا تبقي لحماً إلا أكلته ولا تذرهم إذا أعيدوا فيها خلقاً جديداً، ويقال: لا تبقى ولا تذر يعني: لا تميت ولا تحيي، ويقال: لا تبقى اللحم ولا العظم ولا الجلد إلا أحرقته ولا تذر لحماً ولا عظماً ولا جلداً أي: تدعه محرقاً بل تجده خلقاً جديدا ثم قال عز وجل: لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ يعني: حراقة للأجساد شواهة للوجوه نزاعة للأعضاء وأصله في اللغة التسويد ويقال: لاحته الشمس إذا غيرته وذلك أن الشيء إذا كان فيه دسومة فإذا أحرق اسود ثم قال: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ يعني:
على النار تسعة عشر من الملائكة مسلطون من رؤساء الخزنة وأما الزبانية فلا يحصى عددهم كما قال في سياق الآية: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ. وإنما أراد تسعة عشر ملكاً ومعهم ثمانية عشر أعينهم كالبرق الخاطف ويخرج لهب النار من أفواههم فنزعت عنهم الرأفة غضاب على أهلها يدفع أحدهم سبعين ألفاً فلما نزلت هذه الآية قال الوليد بن المغيرة لعنه الله: أنا أكفيكم خمسة وكل ابن لي يكفي واحداً منهم وسائر أهل مكة يكفي أربعة منهم وقال رجل من المشركين وكان له قوة وأنا أكفيكموهم وحدي أدفع عشرة بمنكبي هذا وتسعة بمنكبي الأيسر فألقيهم في النار حتى يحترقوا وتجوزون حتى تدخلون الجنة فنزلت هذه الآية وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً يعني: ما سلطنا أعوان النار إلا ملائكة زبانية غلاظ شداد لا يغلبهم أحد وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ يعني: ما ذكرنا قلة عددهم وهم تسعة عشر إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا يعني: بلية لهم لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وذلك أن أهل الكتاب وجدوا في كتابهم أن مالكاً رئيسهم وثمانية عشر من الرؤساء فبين لهم أنما يقوله النبيّ صلّى الله عليه وسلم يقوله: بالوحي وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً يعني: تصديقاً وعلماً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يعني: يعلموا أنه حق وعدتهم كذلك وَالْمُؤْمِنُونَ أيضاً لا يشكون في ذلك وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يعني: المنافقين وَالْكافِرُونَ يعني: المشركين مَاذَا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يعني: بذكر خزنة جهنم تسعة عشر يقول الله تعالى: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ يعني: يخذله ولا يؤمن به أمناً له وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ يعني: يوفقه لذلك وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ يعني: من يعلم قوة جنود ربك وكثرتها إلا هو يعني: الله تعالى ويقال: وما يعلم يعني: لا يعلم عدد جموع ربك إلا الله تعالى: وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ يعني: الدلائل والحجج في القرآن ويقال: ما هي يعني: القرآن ويقال: وما هي يعني: سقر إلا ذكرى للبشر يعني: عظه للخلق ثم أقسم الله تعالى لأجل سقر.
[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٣٢ الى ٥٦]
كَلاَّ وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣) وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ (٣٤) إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ (٣٥) نَذِيراً لِلْبَشَرِ (٣٦)
لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (٣٧) كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١)
مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦)
حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١)
بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلاَّ بَلْ لاَّ يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣) كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦)


الصفحة التالية
Icon