المرأة، لا يكون الولد إلا منهما جميعاً. ماء الرجل أبيض ثخين، وماء المرأة أصفر رقيق نَبْتَلِيهِ يعني: لكي نبتليه بالخير والشر فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً يعني: جعلنا له سمعاً يسمع به الهدى، وبصراً يبصر به الهدى. وقال مقاتل: في الآية تقديم، يعني: جعلناه سميعاً بصيراً، يعني: جعلنا له سمعاً لنبتليه، يعني: لنختبره.
قوله عز وجل: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ يعني: بينا له، وعرفناه طريق الخير وطريق الكفر.
ويقال: سبيل السعادة والشقاوة إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً يعني: إما أن يكون موحداً، وإما أن يكون جاحداً لوحدانية الله تعالى. ويقال: إما شاكراً لنعمه، وإما كفوراً لنعمه. ثم بين ما أعد للكافرين فقال: إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ يعني: في الآخرة سَلاسِلَ وَأَغْلالًا يعني: هيئنا لهم أغلالاً، تغل بها أيمانهم إلى أعناقهم وَسَعِيراً يعني: وقوداً.
ثم بين ما أعد للشاكرين فقال: إِنَّ الْأَبْرارَ يعني: الصادقين في إيمانهم يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ يعني: من خمر كانَ مِزاجُها كافُوراً يعني: على برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل ليس ككافور الدنيا ولا كمسكها ولكنه وصف بها حتى يهتدى به القلوب أو يقال:
الكافور اسم عين في الجنة يمزج بها الخمر عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يعني: عين الكافور يشرب بها أولياء الله تعالى في الجنة يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً يعني: يمزجونها تمزيجاً. وقال ابن عباس: يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً في قصورهم وديارهم، وذلك، أن عين الكافور، يشرب بها المقربون صرفاً غير ممزوج، ولغيرهم ممزوجاً. ويقال: يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً يعني: يفجرون تلك العين في الجنة كيف أحبوا، كما يفجر الرجل النهر الذي يكون له في الدنيا هاهنا، وهاهنا حيث شاء.
ثم بين أفعالهم في الدنيا فقال: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ يعني: يتمون الفرائض. ويقال: أوفوا بالنذر وَيَخافُونَ يَوْماً وهو يوم القيامة كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً يعني: عذابه فاشياً ظاهراً، وهو أن السموات قد انشقت، وتناثرت الكواكب، وفزعت الملائكة، وفارت المياه ثم قال عز وجل: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ يعني: على قلته وشهوته وحاجته مِسْكِيناً وهو الطائف بالأبواب وَيَتِيماً وَأَسِيراً يعني: من أسر من دار الشرك. ويقال: أهل اليمن. وذكر أن الآية نزلت في شأن علي بن أبي طالب، وفاطمة- رضي الله عنهما وكانا صائمين فجاءهما سائل وكان عندهما قوت يومهما فأعطيا السائل بعض ذلك الطعام ثم جاءهما يتيم فأعطياه من ذلك الطعام ثم جاءهما أسير فأعطياه الباقي فمدحهما الله تعالى لذلك، ويقال: نزلت في شأن رجل من الأنصار ثم قال عز وجل: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ يعني: ينوون بأدائهم، ويضمرون في قلوبهم وجه الله تعالى. ويقولون: لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً يعني: لا نريد منكم مكافأة في الدنيا، ولا ثوابا في الآخرة إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً


الصفحة التالية
Icon