قرأ نافع، وحمزة بجزم الياء وكسر الهاء. والباقون بنصب الياء وضم الهاء. فمن قرأ بالجزم، فمعناه الذي يعلوهم، وهو اسم فاعل، من علا يعلو. ومن قرأ بالنصب نصبه على الظرف، كما قال: فوقهم ثياب. وروي عن ابن مسعود، أنه قرأ عاليتهم ثياب، يعني: الوجه الأعلى.
ثم قال: ثياب سندس، خضر بالكسر وَإِسْتَبْرَقٌ قرأ نافع، وعاصم في رواية حفص، خضر واستبرق كلاهما بالضم. والباقون كلاهما بالكسر، فمن قرأ بالضم، لأنه نعت الثياب. يعني:
ثياباً خضراً. ومن قرأ بالكسر، فهو نعت للسندس، ومن قرأ واستبرق بالضم، فهو نسق على الثياب. ومعناه: عليهم سندس واستبرق، ومن قرأ بالكسر، يكون عليهم ثياب من هذين النوعين.
ثم قال عز وجل: وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وهو جمع السوار وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً يعني: الذي سقاهم خدمهم. ويقال: الذين يشربون من قبل أن يدخلوا الجنة. ثم قال: إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً يعني: الذي وصف لكم في الجنة، ثواباً لأعمالكم وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً يعني: عملكم مقبولاً. يعني: يبشرون بهذا إذا أرادوا أن يدخلوا الجنة. ثم قال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا يعني: أنزلنا عليك القرآن تنزيلاً، يعني: إنزالاً فالمصدر للتأكيد.
ثم قال عز وجل: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ يعني: استقم على أمر الله تعالى ونهيه. ويقال:
اصبر على أذى الكفار. وقال: على تبليغ الرسالة وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً آثماً يعني:
فاجراً وهو الوليد بن المغيرة، أو كفوراً يعني: ولا كفوراً، وهو عتبة بن ربيعة. قال للنبي صلّى الله عليه وسلم: إن فعلت هذا لأجل المال، فارجع حتى أدفع إليك من المال، ما تصير به أكثر مالاً من أهل مكة. فنزلت هذه الآية وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً.
ثم قال عز وجل: وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ يعني: صلِ باسم ربك بُكْرَةً وَأَصِيلًا يعني:
بكرة وعشياً يعني: صلاة الفجر، وصلاة الظهر والعصر وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ يعني: فصلِّ لله المغرب والعشاء وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا يعني: بعد المكتوبة، فهذا للنبي صلّى الله عليه وسلم خاصة. ويقال له ولأصحابه: وهذا أمر استحباب، لا أمر وجوب. ثم قال عز وجل: إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ يعني: يختارون الدنيا وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يعني: يتركون العمل لما هو أمامهم يَوْماً ثَقِيلًا يعني: ليوم ثقيل وقال مجاهد: وراءهم يعني: خلفهم.
قوله تعالى: نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ يعني: قوينا خلقهم ليطيعوني، فلم يطيعوني. ويقال: شددنا مفاصلهم بالعصب، والعروق والجلد، لكي لا ينقطع المفاصل وقت تحريكها. ويقال: شددنا أسرهم، أي: قبلهم ودبرهم، لكي لا يسيل البول والغائط، إلا عند الحاجة وَإِذا شِئْنا يعني: إذا أردنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلًا يعني: أي نخلق خلقاً أمثل منهم،