فلم يعاقبه النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك حمزة فأسلم حمية لذلك ثم أراد أن يعود كلدة لضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية فأسلم حمزة يومئذٍ».
ويقال نزلت في جميع الكفار ما غرك يعني: ما خدعك حين كفرت بربك الكريم المتجاوز لمن تاب الَّذِي خَلَقَكَ من النطفة فَسَوَّاكَ يعني: فسوى خلقك فَعَدَلَكَ يعني: خلقك معتدل القامة فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ يعني: شبهك بأي صورة شاء إن شاء بالوالد وإن شاء بالوالدة قرأ عاصم والكسائي وحمزة فعدلك بالتخفيف والباقون بالتشديد فمن قرأ بالتخفيف جعل في المعنى إلى فكأنه قال فعدلك إلى أي صورة شاء أن يركبك يعني صرفك إلى ما شاء من الصور من الحسن والقبح ومن قرأ بالتشديد فمعناه قومك ويكون ما صلة وقد تم الكلام عند قوله فعدلك ثم ابتدأ فقال: في أي صورة شاء ركبك، ويقال: في ما معنى الشرط والجزاء والمعنى أي صورة ما شاء أن يركبك فيها ركبك ويكون شاء بمعنى يشاء ثم قال عز وجل: كَلَّا يعني: لا يؤمن هذا الإنسان بما ذكره من أمره وصورته بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ يعني: تكذبون بأنكم مبعوثون يوم القيامة ثم أعلم الله تعالى أن أعمالكم محفوظة عليهم فقال: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ من الملائكة يحفظون أعمالكم كِراماً كاتِبِينَ يعني:
كراماً على الله تعالى كاتبين يعني يكتبون أعمال بني آدم- عليه السلام- يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ من الخير والشر، وروى مجاهد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: «أَكْرِمُوا الكِرَامَ الْكَاتِبِينَ الَّذِينَ لاَ يُفَارِقُونَكُمْ إلاَّ عِنْدَ إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ الجَنَابَةِ والغائط».
[سورة الانفطار (٨٢) : الآيات ١٣ الى ١٩]
إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ (١٦) وَما أَدْراكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧)
ثُمَّ مَا أَدْراكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩)
ثم قال تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ يعني: المؤمنين المصدقين في أيمانهم لَفِي نَعِيمٍ يعني:
في الجنة وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلم- ورضي الله عنهم- ومن كان مثل حالهم وَإِنَّ الْفُجَّارَ يعني: الكفار لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ يعني: يدخلون فيها يوم القيامة وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ يعني: لا يخرجون منها أبداً وَما أَدْراكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ تعظيماً لذلك اليوم ثُمَّ مَا أَدْراكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يعني: كيف تعلم حقيقة ذلك اليوم ولم تعاينه يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً يعني: لا تنفع نفس مؤمنة لنفس كافرة شيئاً بالشفاعة قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو بالضم والباقون بالنصب فمن قرأ بالضم معناه يوم لا تملك ومن قرأ بالنصب فلنزع الخافض يعني في يوم ثم قال: وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يعني: الحكم والقضاء لله تعالى وهو يوم القيامة.