الخزنة هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ يعني: تجحدون، وقلتم إنه غير كائن ثم قال عز وجل:
كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ يعني: حقاً إن كتاب المصدقين لفي عليين وهو فوق السماء السابعة، فرفع كتابهم على قدر مرتبتهم ثم قال عز وجل: وَما أَدْراكَ مَا عِلِّيُّونَ ثم وصفه فقال: كِتابٌ مَرْقُومٌ يعني: مكتوباً مختوماً في عليين يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ يعني: يشهد على ذلك الكتاب سبعة أملاك من مقربي أهل كل سماء وقال بعضهم: الكتاب أراد به الروح والأعمال يعني: يرفع روحه وأعماله إلى عليين.
[سورة المطففين (٨٣) : الآيات ٢٢ الى ٣٣]
إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (٢٦)
وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١)
وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (٣٢) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (٣٣)
ثم قال عز وجل: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ يعني: المؤمنين الصالحين لفي نعيم في الجنة على الارائك ينظرون يعني على سرر في الحجال ينظرون إلى أهل النار، ويقال: ينظرون إلى عدوهم حين يعذبون تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يعني: أثر النعمة وسرورهم في وجوههم ظاهر يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ يعني: يسقون خمراً بيضاء، وقال الزجاج: الرحيق الشراب الذي لا غش فيه، قال القتبي: الرحيق الخمر العتيقة، ثم قال: مَخْتُومٍ خِتامُهُ مِسْكٌ يعني: إذا شرب منه رجل وجد عند فراغه من الشراب ريح المسك قرأ الكسائي مسك، وروي عن الضحاك أنه قرأ مثله والباقون ختامه مسك ومعناهما واحد، والخاتم اسم والختام مصدر يعني: يجد شاربه ريح المسك حين ينزع الإناء من فيه ثم قال عز وجل: وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ يعني: بمثل هذا الثواب فليتبادر المتبادرون، ويقال: فليتحاسد المتحاسدون ويقال: فليواظب المواظبون وليجتهد المجتهدون وهذا كما قال لمثل هذا فليعمل العاملون ثم قال: وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ يعني: مزاج الخمر من ماء اسمه تسنيم وهو من أشرف الشراب في الجنة وإنما سمي تسنيماً لأنه يتسنم عليهم فينصب عليهم انصباباً، وقال عكرمة: ألم تسمع إلى قول الرجل يقول إني لفي السنام من قومه فهو في السنام من الشراب، وقال القتبي أصله من سنام البعير يعني: المرتفع ثم وصفه فقال عز وجل: عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ يعني: التسنيم عيناً يشرب بها المقربون صرفاً ويمزج لأصحاب اليمين ثم