نعم. وهل ينكر الرجل أخاه، أنت ثابت بن قيس. قال: أتذكر يداً لك عندي يوم بعاث؟.
قال: نعم. إن الكريم يجزي باليد، فاجز بها. فقال: قد وهبك النبي صلّى الله عليه وسلم لي، وقد أعتقتك.
قال: شيخ كبير لا أهل له كيف يعيش. فجاء ثابت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكلّمه في أهله، فقال: «لَكَ أهْلُهُ». فجاء إليه. فقال: قد وهب لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم أهلك فهي لك. فقال: شيخ كبير أعمى وامرأة ضعيفة، وأطفال صغار لا مال لهم كيف يعيشون؟ فقام ثابت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يسأله ماله. فقال: «لَكَ مَالُهُ». فجاء إليه. فقال: قد وهب لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم مالك لي فهو لك. فقال: فما فعلت بكعب بن أسد الذي وجهه كأنه مرآة صينية تتراءى فيها عذارى الحي؟ قال: قتل. قال: فما فعل بعزاز بن سموأل مقدم اليهود إذا حملوا وحاميهم إذا انصرفوا؟ قال: قتل. قال: فما فعل بسيد الحاضر والبادي حيي بن أخطب يحملهم في الحرب ويطعمهم في المحل؟ قال: قتل. قال فما فعل بفلان وفلان؟ قال: قتل. قال: فقال يا ابن الأخ لا خير في الحياة بعد أولئك ألا أصبر فيه قدر فراغ دلو ماء حتى ألقى الأحبة. قال أبو بكر: ويلك يا ابن باطا، والله ما هو إفراغ دلو ماء، ولكنه عذاب الله أبداً. يا ابن الأخ قدمني إلى مصارع قومي، فاضرب ضربة أجهز بها، وأرفع يدك عن العصام، وألصق بالرأس. فإن أحسن الجسد أن يكون فيه شيء من العنق. فقال ثابت: ما كنت لأقتلك. قال: ما أبالي من قتلني. فتقدم رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فضرب عنقه.
وغنم الله عز وجل رسوله أموال بني قريظة، وذراريها، فقسمها بين المسلمين.
فنزل قوله تعالى: وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ يعني: عاونوهم مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وهم بنو قريظة مِنْ صَياصِيهِمْ يعني: من قصورهم، وحصونهم، وأصل الصياصي في اللغة:
قرون الثور لأنه يتحصن به. فقيل: للحصون صياصي لأنها تمنع.
ثم قال: وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ حين انهزم الأحزاب فَرِيقاً تَقْتُلُونَ يعني:
رجالهم وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً تسبون طائفة وهم النساء والصبيان. قال مقاتل: قتل أربعمائة وخمسون رجلاً، وسبي من النساء والصبيان ستمائة وخمسون. وقال في رواية الكلبي: كانوا سبعمائة فقسمها بين المهاجرين.
ثم قال عز وجل: وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ يعني: مزارعهم وَدِيارَهُمْ يعني: منازلهم وَأَمْوالَهُمْ يعني: العروض والحيوان وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها يعني: لم تملكوها ولم تقدروا عليها. يعني: ورثكم تلك الأرض أيضاً وهي أرض خيبر. وروي عن الحسن وغيره في قوله أَرْضاً لَمْ تَطَؤُها قال: كل ما فتح على المسلمين إلى يوم القيامة وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً يعني: على فتح مكة وغيرها من القرى.