ويقال: غفرنا لك ذنبك، وذلتك بترك الاستثناء ويقال: معنى وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ يعني: عصمناك من الذنوب الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ لو لم يعصمك الله، لأثقل ظهرك، ويقال: معناه أخرجنا من قلبك الأخلاق السيئة، وطبائع السوء الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ يعني:
التي لو لم ننزعها عن قلبك، لأثقل عليك حمل النبوة والرسالة. ثم قال عز وجل: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ يعني: في التأذين والخطب، حتى لا أذكر إلا وذكرت معي، يعني: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وَأَشْهَدُ أنَّ محمداً رسول الله صلّى الله عليه وسلم، في كل يوم خمس مرات، في الأذان والإقامة.
[سورة الشرح (٩٤) : الآيات ٥ الى ٨]
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦) فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)
قال تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً يعني: مع الشدة سعة، يعني: بعد الشدة سعة في الدنيا. ويقال: بعد شدة الدنيا سعة في الآخرة، يعني: إذا احتمل المشقة في الدنيا، ينال الجنة في الآخرة. ثم قال عز وجل: إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً على وجه التأكيد. وروي عن ابن عباس، أنه قال: لا يغلب العُسْرُ يُسْرَينْ. وروى مبارك بن فضالة، عن الحسن أنه قال: كانوا يقولون:
لا يغلب عسرٌ واحد يُسْرَين، فقال ابن مسعود- رضي الله عنه: لو كان العسر في حُجر، جاء اليسر حتى يدخل عليه، لأنه قال تعالى إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ويقال: إن مع العسر وهو إخراج أهل مكة النبيّ صلّى الله عليه وسلم يُسْراً، وهو دخوله يوم فتح مكة، مع عشرة آلاف رجل في عز وشرف.
ثم قال عز وجل: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ يعني: إذا فرغت من الجهاد، فاجتهد في العبادة وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ يعني: اطلب المسألة إليه. قال قتادة: فإذا فرغت من الصلاة، فانصب في الدعاء. هكذا قال الضحاك، وقال مجاهد، فَإِذا فَرَغْتَ من اشتغال نفسك فَانْصَبْ يعني: فَصَلِّ ويقال فَإِذا فَرَغْتَ من الفرائض فانصب في الفضائل، فيقال فَإِذا فَرَغْتَ من الصلاة، فانصب نفسك للدعاء والمسألة، وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ يعني: إلى الله فارغب في الدعاء، برفع حوائجك إليه، والله أعلم وأحكم بالصواب.