وهذا قسم أقسم الله تعالى بهذه الأشياء وجوابه قوله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) [العاديات: ٦] وقال بعضهم (فالموريات قدحاً) معناه فالمنجيات عملاً وهذا مثل ضربه الله تعالى فكما أن الأقداح تنجي الرجل المسلم من برد الشتاء والهلاك وإذا لم يكن معه الزند فيهلك في البرد فكذلك العمل الصالح ينجي العبد يوم القيامة ومن العذاب الهلاك وإذا لم يكن معه عمل صالح يهلك في العذاب ويقال (فالموريات قدحاً) يعني: ناراً لأبي حباحب كان رجل في بعض أحياء العرب من أبخل الناس ولم يوقد ناراً حتى ينام كل ذي عين ثم يوقدها فإذا استيقظ أحد أطفأها لكي لا ينتفع بناره أحد بخلاً منه فكذلك الخيل حين اشتدت على الأرض الحصاة فقدحت النار بحوافرها لا ينتفع بها كما لا ينتفع بنار أبي حباحب ثم قال (فالمغيرات صُبْحاً) يعني: الخُصَماء يغيرون على حسنات العبد يوم القيامة بمنزلة ريح عاصف يجيء ويرفع التراب الناقع من حوافر الدواب فذلك قوله تعالى (فأثرن به نقعاً) ويقال هي الإبل ترجع من عرفات إلى مزدلفة ثم يرجعن إلى منى ويذبح هناك ويقسم الخمر ويوجد اللحم كأنهم أغاروها (فأثرن به نقعا) يعني: هيّجن بالوادي غباراً حين يرجعون من مزدلفة إلى منى وقوله تعالى (به) كناية عن الوادي فكأنه يقول (فأثرن به نقعاً) أي: غباراً ثم قال (فوسطن به جمعا) يعني: فوقعن بالوادي ويقال بالمكان جمعاً أي اجتمع الحاج بمنى.
[سورة العاديات (١٠٠) : الآيات ٦ الى ١١]
إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠)
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)
ثم قال إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ فيه جواب القسم أقسم الله تعالى بهذه الأشياء وفيه بين ذكر فضل الغازي وفضل فرس الغازي على تفسير من فسر الآية على الفرس حين أقسم الله تعالى بالتراب الذي يخرج والنار التي تخرج من تحت حوافر فرس الغازي لأنه ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله تعالى. ومن فسر الآية على الإبل ففي الآية بيان فضل الحاج وفضل دواب الحاج حيث أقسم الله تعالى بالتراب الذي يخرج من تحت أخفاف إبل الحاج والنار التي تخرج منها حيث صارت في أرض الحجارة إن الإنسان لربه لكنود يعني: لبخيل قال مقاتل نزلت في قرط بن عبد الله وقال معنى «الكنود» بلسان كندة وبني حضرموت هو العاصي سيده وبلسان بني كنانة البخيل ويقال هو الوليد بن المغيرة ويقال هو أبو حباحب ويقال كان ثلاثة نفر في العرب في عصر واحد أحدهم آية في السخاء وهو حاتم الطائي والثاني آية في البخل وهو أبو حباحب والثالث آية في الطمع وهو أشعب، كان طماعاً، وكان من طمعه إذا رأى عروساً تزف إلى موضع جعل يكنس باب داره لكي تدخل داره وكان إذا رأى إنساناً يحك