وجماعة منهم- رضي الله عنهم- أن عليها العدة، وهو أحوط الوجهين، أنه إذا خلا بها ولم تكن المرأة حائضاً، ولم يكن أحدهما مريضاً، ولا محرماً ولا صائماً صوم فرض، يجب على الزوج المهر كاملاً، وعليها العدة احتياطاً.
وأما إذا كانت المرأة حائضاً أو مريضة أو محرمة أو صائمة عن فرض أو الرجل مريض أو صائم عن فرض أو محرم فطلقها بعد الخلوة قبل الدخول، فعليه نصف المهر، وعليها العدة احتياطاً.
ثم قال: فَمَتِّعُوهُنَّ يعني: متعة الطلاق ثلاثة أثواب وهي مستحبة غير واجبة وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا يعني: خلوا سبيلهن تخلية حسنة وهو أن يعطيها حقها.
قوله عز وجل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ يعني: نساءك اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ يعني: أعطيت مهورهن، لأن غيره كان له أكثر من أربع نسوة أمره أن يترك ما زاد على الأربع، وقد أحلّ للنبي صلّى الله عليه وسلم إمساك التسع ولم يأمره بالفرقة. وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ يعني:
أحللنا لك من الإماء مثل مارية القبطية مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ من الغنيمة يعني: أعطاك الله كقوله تعالى: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ [الحشر: ٧].
ثم قال: وَبَناتِ عَمِّكَ يعني: أحللنا لك نكاح بنات عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ يعني: هاجرن معه من مكة إلى المدينة أو قبله أو بعده.
ثم قال: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً يعني: أحللنا لك امرأة مُّؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم وقرأ الحسن إِنْ وَهَبَتْ بنصب الألف ومعناه إذا وهبت ويكون ذلك الفعل خاصة لامرأة واحدة. وقراءة العامة إن بالكسر فيكون معناه لكل امرأة إن فعلت ذلك في المستقبل. قال مقاتل: وذلك أن أم شريك وهبت نفسها للنبي صلّى الله عليه وسلم بغير مهر كذا قال الكلبي. وروى معمر عن الزهري في قوله: إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ قال: بلغنا أن ميمونة وهبت نفسها للنبي صلّى الله عليه وسلم ووهبت سودة يومها لعائشة- رضي الله عنها- وروى وكيع عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي وعمرو بن الحكم، وعبد الله بن عبيدة قال: تزوج النبيّ صلّى الله عليه وسلم ثلاث عشر امرأة. ستة من قريش. خديجة بنت خويلد، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر، وأم حبيبة بنت أبي سفيان، وسودة بنت زمعة، وأم سلمة بنت أبي أمية. وثلاثاً من بني عامر، وامرأتين من بني هلال ميمونة بنت الحارث وهي التي وهبت نفسها للنبي صلّى الله عليه وسلم. وزينب أم المساكين، وامرأة من بني بكر وهي التي اختارت الدنيا. وامرأة من بني الحزن من كندة وهي التي استعاذت منه.