قوله عز وجل: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ قرأ أبو عمرو وابن كثير وابن عامر وأبو بكر عن عاصم: ترجئ بالهمزة. وقرأ الباقون: بغير الهمز. كلاهما في اللغة واحد، وأصله من التأخير. يقول: تؤخر من تشاء منهن ولا تتزوجها وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ يعني: تضم فتتزوجها لخيره في تزويج القرابة. ويقال: تطلق من تشاء منهن، وتمسك من تشاء.
وقال قتادة: جعله في حل أن يدع من يشاء منهن، ويضم إليه من يشاء. يعني: إن شاء جعل لهن قسماً، وإن شاء لم يجعل. وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقسم. وقال الحسن: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلم إذا خطب امرأة فليس لأحد أن يخطبها حتى يتزوجها أو يدعها، وفي ذلك نزل:
تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ.
ثم قال: وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ يعني: أشرت ممن تركت فَلا جُناحَ عَلَيْكَ يعني: لا إثم عليك ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ أي: ذلك أجدى وأجدر إذا علمن أنك تفعل بأمر الله أن تطمئن قلوبهن وَلا يَحْزَنَّ مخافة الطلاق وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ من النفقة، إذا علمن أنه من الله عز وجل. وقرئ في الشاذ: كُلُّهُنَّ بالنصب صار نصباً لوقوع الفعل عليه وهو الإعطاء. وتقرأه العامة: أتيتهن كلهن بالضم. ومعناه: يرضين كلهن بما أعطيتهن.
ثم قال: وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ من الحب والبغض وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً بما في قلوبكم حَلِيماً بالتجاوز.