سبعة بضرب موسى، وذلك قوله: فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا ويقال: إن موسى وهارون وابني هارون خرجوا فتوفي هارون في تلك الخرجة، فلما رَجَعَ موسى إلى قَوْمِهِ قالت السفهاء من بني إسرائيل لموسى: أنت قتلت هارون. فخرج موسى مع جماعة من بني إسرائيل. فأحيا الله تعالى هارون- عليه السلام- فأخبر أنه لم يقتله أحد، وأنه مات بأجله فذلك قوله تعالى:
فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً يعني: مكيناً وكان له جاه عنده منزلة وكرامة.
ثم قال عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ يعني: أطيعوا الله واخشوا الله وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يعني: عدلاً صواباً فيما بينكم وهو قولهم ابن فلان فأمرهم أن ينسبوهم إلى آبائهم. ويقال: قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يعني: لا إله إِلاَّ الله. ويقال: قولاً مخلصاً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ يعني: يقبل أعمالكم وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في السر والعلانية فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً يعني: نجى بالخير وأصاب نصيبا وافرا.
قوله عز وجل: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ قال مجاهد: لما خلق الله عز وجل آدم- عليه السلام- عرض عليه الأمانة فحملها، فما كان بين أن حملها، وبين أن أخرج من الجنة، إلا كما بين الظهر والعصر. وروي عن ابن عباس- رضي الله عنه- أنه قال: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ يعني: الفرائض على السموات والارض والجبال. فقال لهن:
يأخذن بما فيها. فقلنا: وما فيه يا رب؟ قال: إن أحسنتن جوزيتن. وإن أسأتن عوقبتن. فقلن:
يا رب إن تعرضها علينا فلا نريد، وإن أمرتنا بها فنحن نجتهد. وعرضت على الإنسان يعني:
آدم- عليه السلام- فقبلها وحملها. وقال بعضهم: هذا على وجه المثل إن لم تظهر الخيانة في الأمانة إلا من الإنسان. فلم تظهر من السموات والأرض والجبال كما قال: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ [الحشر: ٢١] فكأنه يقول: لو عرضنا الامانة على السموات والأرض والجبال لأبين حملها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ يعني: آدم وذريته إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا بالقبول. وروي عن الحسن أنه قال: عرض على السموات عرض تخيير لا عرض إيجاب.
فلذلك لم تعصِ بترك قبولها ويقال: عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ يعني: على ملائكة السموات والأرض والجبال. كما قال: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: ٨٢] يعني: أهل القرية. وقال السدي: لما أراد أن يحج، عرض الأمانة يعني: أمر ولده شِيث وقابيل وهابيل فعرض على قابيل الكخداذبية والائتمار، والقيام في شغل الدنيا، والعيش حتى يرجع هو من الحج إلى وطنه. فقبله ثم خانه، فقتل أخاه. وإنما كان عرض آدم بأمر الله تعالى فلذلك قال:
عَرَضْنَا. وقال بعضهم: أن الله عزَّ وجلَّ لما استخلف آدم على ذريته، وسلّطه على جميع ما في الأرض من الأنعام والوحوش والطير، عهد إليه عهداً أمره فيه، ونهاه فقبله. ولم يزل عاملاً به إلى أن حضرته الوفاة. فسأل ربه أن يعلمه من يستخلف بعده، ويقلده الأمانة. أن