المطلب السادس في فضل القرآن وحفظه وتهديد من ينساه والسفر به
اعلم حرسك الله ان القرآن الكريم أفضل الكتب السماوية وان التمسك به وصول إلى منزله، والمحافظة عليه طريق النجاة، فهو العروة الوثقى والحبل المتين.
فقد روى مسلم عن زيد بن أرقم قال: قام يوما فينا رسول الله خطيبا (بماء يدعى خما) بين مكة والمدينة، فحمد الله واثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه، وإني تارك فيكم ثقلين كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، وفي رواية: من استمسك به وأخذ به كان على الهدى، ومن أخطأه ضل وفي أخرى: كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة. وفي رواية الترمذي: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر وهو كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما. وهذا من الأهمية بمكان، لأن حضرة الرسول في قوله هذا ينتظر نتيجة أعمال أمته في العمل بأحكام القرآن وفي مراعاتهم لأهل بيته، وانهم المسئولون عن ذلك في يوم هم أشد حاجة لشفاعته يوم لا ينفع مال ولا جاه ولا بنون.
هذا واعلم أن كلام السادة الصوفية في القرآن لا يعدّ تفسيرا لغيرهم لأنه عبارة عن إشارات خفية إلى دقائق تنكشف لهم في خوارق أحوالهم وهي حجاب لغيرهم، بل يحرم عليهم القول بها لعدم معرفتهم المراد منها لأن لهم كلمات استعملوها لا يعرفها إلا من هو منهم أو واقف على تفسيرها، كالمبين في عوارف المعارف للسهروردي وما يماثله من كتبهم، كما أن تفسير بعض المفسرين الذين همهم البلاغة ووجوه الإعراب بما يحتاج إلى تفسير دقيق حجاب لغيرهم أيضا لعدم وقوفهم على مرادهم منه.
فقد روى ابن أبي شيبة في سنده ومحمد بن نصر وابن الأنباري في كتاب المصاحف


الصفحة التالية
Icon