وعبد الحليم بدير في رسالته، والإمام محمد عبده في كتبه، ورشيد رضا في مقالاته، وما جاء في المجلات المصرية وغيرها، وما بعد شهادة الله شهادة، وتفضيل رسوله تفضيل، قال الأبو صيري:

أيمدح من اثنى الإله بنفسه عليه فكيف المدح من بعد ينشأ
واعلم ان الأجانب لم يطلعوا على مزايا القرآن، وخصال من أنزل عليه إلا بعد اختلاطهم في الإسلام في الحروب الصليبية وإعجابهم بمعاملة الإسلام لهم، وتيقنهم بأن ما كان يشوهه لهم بعض رؤسائهم ناشىء عن غلوهم، ولهذا قال ما قاله بعض أكابرهم وعلمائهم في القرآن، انه الحق وان الرسول جاء به بالصدق، وانه صالح لكل زمان، وإني أتمسك به نجاة من الحيرة التي كان فيها البشر، من أمر الدين الذي هو ضالة الأرواح، وأنشودة العواطف، ويلسم جراح الحياة، ونسيم الراحة والطمأنينة، ومهب نفحات الحق، الذي هو في الأصل واحد، لا تعدد ولا تخالف فيه، إذ جاءت به الرسل من الإله الواحد الذي لا شريك له ولا وزير، وإنما طرأ الخلاف على الأمم فيه بما احتوشهم من روح النزاع وغريزة حب الرئاسة، ومنبع الطمع في المال، قال تعالى: (وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا) الآية ١٩ من سورة يونس من ج ٢، وهذا القرآن هو الذي قرب أساطين العدل بين البشرية، لهذا أمرهم الرسول بالتمسك فيه، واتباع أو امره، واجتناب نواهيه، وحذرهم من نسيانه لما فيه من المفاسد المترتبة على عدم العمل به، روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري، قال: قال صلّى الله عليه وسلم. تعاهدوا القرآن فو الذي نفسي بيده لهو أشد تقصيا من الإبل في عقلها. ورويا عن ابن عمر: إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، ان تعاهدها أمسكها، وان أطلقها ذهبت، ورويا عن عبد الله بن مسعود: بئسما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت بل هو نسيّ، استذكروا القرآن فإنه أشد تقصيا من صدور الرجال من النعم في عقلها. إذا يجب على المرء أن يحافظ على ما حفظه من كتاب الله تعالى ويتداوله ليل نهار لئلا يدخل في هذا الوعيد. وقال العلماء إنّما يدخل في هذا الوعيد من ينساه قراءة لأنه يحرم منه،


الصفحة التالية
Icon