وعمّ، لأن كثيرا من كلماتها لم تكرر لما هي عليه من السجع العجيب واللفظ الغريب)، وما هو موافق لشرع من قبلنا منه والمخالف له، والمعمول به منه، والآيات المقيدة للمطلقة والمخصصة للعامة، وأنواع الأوامر والنواهي الواجبة والمندوبة والمخير فيها، ومعنى النسخ وحقيقته وماهيته والمراد منه، وخلاصة القصص المعقولة، والغزوات المرموقة. وتتميما للفائدة، أوردت فيه ما يناسب الآيات من الأحاديث والأخبار والأمثال بما يكفي الواعظ عن كتب كثيرة وجعلته في ثلاثة أجزاء، اثنين لما نزل في مكة المكرمة، وواحد لما نزل في المدينة المنورة، وبدأته بمقدمة تحتوي على اثني عشر مطلبا تشير إلى ما أودعته فيه من المآخذ والأصول والرموز، وختمته بخاتمة ترمي إلى ما كان فيه من الوقائع والحوادث. وحقا إن أهل هذا العصر بحاجة ماسّة إلى تفسير كذا جامع مانع جار على أسلوب حسن بسيط مختصر غزير كاف، يطلعهم على حقائق كتاب الله بصورة قد يستوي فيها الخاص والعام، وهذا غاية ما أقصده من المجيب السميع، ومنه المعونة والتوفيق إلى سواء الطريق، وسميته (بيان المعاني) وأنا الفقير إليه عبد القادر ملا حويش آل غازي العاني.
والله أسأل وبأنبيائه أتوسل أن ينفع به عباده، ويديم به الإفادة، ويوفقني لإكماله على الوجه الذي يرضيه راجيا ممن وقف على زلة أو عثرة أن يصلحها بكرمه، إذ ما منا إلا من ردّ وردّ عليه عدا من عصمه الله (على أنه إذا كان له رأي يخالف ما فيه أن يبينه على الهامش)، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم ويثيبني عليه رضاءه ورؤيته في دار النعيم، وهو الهادي إلى سواء السبيل، وهو حسبي ونعم الوكيل.
قال الإمام أبو السعادات ابن الأثير رحمه الله في مقدمة نهايته المشهورة:
(كل مبتدىء شيئا لم يسبق إليه، ومبتدع أمرا لم يقدّم فيه عليه فإنه يكون قليلا ثم يكثر، وصغيرا ثم يكبر. وعسى أن يصدق قوله في كتابي هذا. والله الموفق.
وقد شرعت فيه صباح يوم الأربعاء أول شهر رجب الحرام سنة ألف وثلاثمائة وخمس وخمسين من هجرة سيد الأولين والآخرين، (والموافق ١٧ أيلول سنة ١٩٣٦) وصلى الله على محمد وآله وأصحابه وسلم ومن تبعهم إلى يوم الدين.