«فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ» بعد أن رأى أن الإيمان به واجب حق ايمانا كاملا «فَلا يَخافُ بَخْساً» نقصا في عمله وفي ثوابه «وَلا رَهَقاً» ١٣ يغشاه من إثم ومذلة أو مكروه مطلقا، أنظروا أيها الناس جنّا آمنت بمحمد ﷺ لأول وهلة رأته وسمعت منه دون حاجة أتردد، فكر، وإنسا تتلى عليهم آيات الله منه ليل نهار، وهو معروف عندهم في صدقه وأمانته ونسبه ولم يؤمنوا، صدق الله (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) الآية ١٧ من سورة الكهف في ج ٢ «وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ» الجائرون من أسماء الأضداد، إذ يأتي بمعنى العادلين المستقيمين على الحق والعادلين عنه والعادل من الأضداد أيضا لأنه بمعنى المائلين عنه، والمائلون من الأضداد أيضا لأنه يقال مال إلى الحق ومال عنه، واعلم بأن قسط بمعنى جار فحسب، وأقسط بمعنى جار وعدل، ولا يقال اعدل في الحكم بل عدل به، ويحتمل المعنيين «فَمَنْ أَسْلَمَ» نفسه إلى ربه وآمن بما جاء به رسوله وسلم الناس من لسانه ويده «فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً» ١٤ طلبوا لأنفسهم الهدى والصواب، لأن من يجتهد طلبا للحق يوفق إليه، وكلمة من في صدر هذه الجملة تحتمل الجمع والإفراد ولذلك قال أولئك باعتبار معنى الجمعَ أَمَّا الْقاسِطُونَ»
الكافرون الذين بقوا على كفرهم فلم يسلموا وماتوا على ذلكَ كانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً»
١٥ في الآخرة وقودا لها.
مطلب فتح أن وكسرها في هذه السورة:
هذا، وقد اختلف القراء في فتح أن وكسرها من أول السورة إلى هنا عدا التي بعد القول إذ لا قول فيها، فقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف وحفص بفتح الهمزة، ووافقهم أبو جعفر في ثلاث منها وهي: ١- وأنه تعالى، ٢- وأنه كان يقول، ٣- وأنه كان رجال. واتفقوا على الفتح في أنه استمع، وأن المساجد لله، لأن ذلك لا يصح أن يكون من قول الجن بل هو مما أوحي للنبيّ خاصة، وقالوا يصح بالبواقي الفتح والكسر، فوجه الكسر بالعطف على إنا التي هي بعد قالوا من عطف الجمل، ووجه الفتح على المفعولية. ومن المعلوم أن