تهددوننا بسببه لا، لا تفعلوا شيئا «بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ» ١٩ في الضلال متجاوزون الحد في الشرك والعصيان، مفرطون فيما يعود لنفعكم، لأنا لم نعمل معكم شيئا يوجب رجمنا «وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى» يهرول اسمه حبيب النجار المار ذكره في القصة، الذي رأى آيات الرسولين وأنس بهما قبل حضور الرسول الثالث، وكان في غار يتعبد فيه عند فراغه من عمله، قالوا وكان يتصدق بنصف ما يربح، وقد مر في القصة أنه كان راعيا، إذ علم أن قومه كذبوا الرسل وقصدوا قتلهم، وهذا على القول بأنهم لم يؤمنوا، أوهم الذين لم يؤمنوا مع الملك لأن نسق الخطاب لا ينطبق على نسق القرآن، لأن الحكاية ذكر فيها أن التكذيب والضرب والحبس وقع على الرسولين الأولين فقط وأنهم آمنوا بعد حضور الثالث، والقرآن يسكت عما وقع مع الأولين ويتكلم عن الثلاثة معا «قالَ» الراعي حبيب «يا قَوْمِ» اتركوا الرسل لا تعتدوا عليهم فيصيبكم منهم معرة، وإذا أردتم الخير لأنفسكم «اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ» ٢٠ إلى ما يدعوكم إليه بغية نجاتكم من عذاب الله وكأنه التفت إلى الرسل وقال لهم أتطلبون أجرا على ما تدعون الناس إليه قالوا لا نحن أبعد الناس عن طلبه
فالتفت إلى قومه وقال «اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً» على إرشادكم لطريق الهدى والسداد «وَهُمْ مُهْتَدُونَ» ٢١ من قبل الله الذي أرسلهم فاقبلوا هدايتهم مجانا إلى خير الدنيا والآخرة واتبعوهم على ما هم عليه تربحوا رضاء الله خالقكم من غير أن تخسروا شيئا من دنياكم فقالوا له إذا أنت على دينهم مؤمن بربهم الذي فطرهم على هذا الدين الذي جاؤا يدعوننا إليه، ولذلك تحبذ دعوتهم فقال لهم «وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي» خلقني وهو رحمه الله يعبد الذي فطره وإنما أرادهم بذلك، أي وما لكم لا تعبدون الذي فطركم مثلي لأني أعبده حقا أي أيّ شيء خذلكم وصرفكم عن عبادته «وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» ٢٢ حتما في الآخرة، لأن مصير الكل إليه خاطب نفسه رحمه الله في هذه الجملة وهو يريدهم فيها لأنه أبلغ في الزجر، وأمعن في الوعظ، وأحرى للقبول، وأبعد عن اللجاجة، ثم قال لهم «أَأَتَّخِذُ مِنْ