قال تعالى «يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ» إذا لم يؤمنوا بالرسل ويا ويلهم من يوم الحسرة راجع تفسير الآية ٢٩ من سورة مريم الآتية، ثم بين سبب هذه الحسرة بقوله عز قوله «ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» ٣٠ يسخرون من قوله لا يسمعون نصحه، وهذه نظير الآية ١٠ من سورة الحجر في ج ٢، ومعنى الحسرة العم والندم على ما فات لأن الإنسان من شدة الندم على صنعه الضر وتضييعه فرصة تلاقيه بالخير، وإهماله أوقاته سدى يركبه غم لا نهاية له بعده، ونزلت الحسرة منزلة العقلاء بإدخال حرف النداء عليها كأنه قال يا حسرة احضري، فهذه الحال من الأحوال التي يجب أن تحضري فيها لأهميتها والمعنى أنهم أحقاء بان يتحسر عليهم المتحسرون ويتلهف على حالهم المتلهفون لرفضهم الخير الذي جاء إليهم من الله عفوا دون طلب،
ثم التفت الى أهل مكة بعد الانتهاء من هذه القصة فقال عز قوله «أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ» الخالية من أهل كل عصر. وسموا قرونا لاقترانهم في الوجود، والرؤية هنا علمية لا بصرية لأن أهل مكة لم يحضروا هلاك من قبلهم من الأمم الخالية حتى يروه عيانا بل علموه بالأخبار المتناقلة عن الأجيال بمشاهدة آثار المهلكين من أطلال مساكنهم، اما أهل الفيل أبرهة ومن معه فلا يعدون من القرون الخالية لأنهم كانوا في زقهم وآبائهم ومنهم من شاهد ما وقع بهم، راجع تفسير سورة الفيل المارة «أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ» ٣١ لان الهالك في الدنيا لا يرجع إلى الدنيا، وإنما مصيره الآخرة ينم على هذا قوله «وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا» أي الأوان هنا بمعني لا النافية أي ما كل إلا جميع لدينا، قيل إنها مخففة وما زائدة وعليه يكون المعنى انه إي الحال والشان كل جميع لدينا، والأول أولى إذ لا زائد في كتاب الله «جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ» ٣٢ يوم القيمة للحساب والجزاء أفلا يعتبر أهل مكة بهم ويتحققوا أن مصيرهم كمصيرهم بل انهم سيموتون ويرجعون إلينا فنحاسبهم ونعاقبهم، وقرىء لما بالتخفيف، وعليه تكون ما للتأكيد وان مخففة من الثقيلة، والتنوين في كل عوض عن المضاف إليه، ويكون المعنى ان