للولي، وان كل ما جاز وقوعه معجزة للنّبي جاز أن يكون كرامة للولي إلا إذا ثبت بالدليل عدم إمكانه كالإتيان بسورة مثل القرآن، والتحدّي به، لأن ذلك من خصائص الرسالة، فمن أنكر هاتين الخصلتين أو إحداهما خرج عن دينه ولو طار بالهواء لانه بادعاء إحداهما يكون مدعيا الرسالة ولا رسالة بعد خاتمها، تدبر، حفظك الله من الزيغ وغرور النفس والحسد، فإن كلا من هذه الثلاثة داع للانكار، راجع الآية ١٤٧ من سورة الأعراف المارة، وما ترشدك اليه، هذا وقد أثبت غير واحد خبر نقل النفس وتطورها لنبينا محمد ﷺ بعد وفاته وادعى أنه عليه الصلاة والسلام يرى في عدة مواضع في وقت واحد، مع كونه في قبره الشريف يصلي، وضح أن موسى عليه الصلاة السلام يصلي في قبره مع أن الرسول ﷺ رآه في السماء وجرى بينهما ما جرى في أمر الصلوات المفروضة ليلة الإسراء كما بحث في تفسير أول الإسراء الآتية، وعليه فلا قيمة لما يقوله بعض من لا ثقة بعلمه ولا وثوق بذاته من إنكار هذه القضية البالغة من التواتر دون معارضته من أهل العلم العاملين، وما تعلل به من كون موسى عليه السلام عرج إلى السماء بجسده الذي كان في القبر بعد أن رآه النبي ﷺ عند قبره في الأرض مما لم يقل به أحد جزما، لأن القول به احتمال بعيد، بل لا بد أن يكون بصورة أخرى عنه، وقد رأى ﷺ ليلة أسري بروحه وجسده الى السماء جماعة من الأنبياء في السموات أيضا مع أن قبورهم في الأرض ولم يقل أحد إنهم نقلوا من الأرض إلى السماء على قياس ما سمعت آنفا، وليس ذلك مما ادعى الحكميون استحالته من شغل النفس لواحدة أكثر من بدن واحد وحيّز واحد، بل هو أمر ممكن كما لا يخفى على من نور الله بصيرته، فعلى هذا لا يقال إن الشمس نفس مثل تلك الأنفس القدسية وانّها تنسلخ عن الجرم المشاهد مع بقاء سيرها وعدم سكونها حسبما يدعيه أهل الهيئة وغيرهم، ويكون ذلك إذا غربت وتجاوزت الأفق الحقيقي بالنسبة لكل قطر وانقطعت رؤية سكان المعمور في الأرض لها، ولا يضر فيه طلوعها إذ ذاك في عرض تسعين ونحوه، لأن ما ذكرت من كون السجود