وقيام الساعة والحساب والجزاء في يوم البعث من القبور، قد طال علينا أمده أخبرونا وقته على الحقيقة «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» ٤٨ بقولكم، قال تعالى قل لهم يا سيد الرسل إنه قريب بالنسبة لما عند الله وأنه على حين غفلة سيأتيكم غرة لأنه تعالى يقول:
مطلب في النفختين والذي لا يبلى من البشر:
«ما يَنْظُرُونَ» هؤلاء المستعجلون على شرهم «إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً» من عبدنا جبريل الموكل بالنفخة الأولى والثانية «تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ» ٤٩ فجاءة أثناء مخاصمتهم في بيعهم وشرائهم ومنازعتهم في أمورهم لدنيوية المنهمكين بها، وحينذاك «فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً» في شيء من أمورهم لأن كلا منهم يموت على حالته التي هو فيها حين سماعه الصيحة ولهذا قال تعالى ولا إلى أهلهم يرجعون ٥٠» إذ ليس باستطاعتهم لرجوع إذا كانوا خارجين لشأنهم وفي هذا تنبيه عظيم على عظمة هذه الصيحة التي لا تمهل القائم أن يقعد ولا القاعد أن يقوم إذ يموت كل بمكانه على هيأته دون حركة، ولا عجب من ذلك لأنه من فعل الله.
قالوا كان شبيب الحروري إذا صاح في القوم لا يلوي أحد على أحد وفيه يقول:
إن صاح يوما حسبت الصخر منحدرا | والريح عاصفة والموج يلتطم |
قال تعالى «وَنُفِخَ فِي الصُّورِ» أي النفخة الثانية للبعث والحساب وبينهما على ما قيل أربعون سنة «فَإِذا هُمْ» الأموات الذين ماتوا قبل النفخة الأولى جميعهم والذين ماتوا بعدها قائمين «مِنَ الْأَجْداثِ» المدافن أعم من القبور «إِلى رَبِّهِمْ» ومالك أمرهم «يَنْسِلُونَ» ٥١ يخرجون أحياء يتسابقون إلى الموقف وراء المنادي