بعدم التكفير وتسع وتسعون قولا بالتكفير، يصار إلى عدم التكفير، وهنا يمكن حمل الكلام على حذف لام الفعل أي لأنا نعلم، ومثله كثير في القرآن وفي غيره أكثر، وعليه تلبية رسول الله ﷺ أحيانا إذ يقول أن الحمد والنعمة لك بفتح الهمزة من أن وقد قرأها الشافعي رضي الله عنه بالفتح وأبو حنيفة بالكسر ولكل منهما تعليل وتوجيه لانه إذا قرأتها بالفتح على أنها بدل من قوله «فَلا يَحْزُنْكَ» بحيث يكون المعنى فلا يحزنك علمنا ما يسرون وما يعلنون ففساده ظاهر لان هذا لا يحزنه بل يسره وفيه ما فيه وهذا المعنى يكون مع كسر إن أيضا إذا جعلتها مفعولة للقول أي كلمة قولهم لأن المصدر يعمل عمل فعله وعليه فيظهر من هذا أنه تعلق الحزن يكون الله عالما به وعدم تعلقه بذلك لا يدوران على فتح انا وكسرها وانما يدوران على تقديرك أنت أيها المتفحص وعليك أن تفعل فان فتحت انا قدرت معنى القليل لا معنى البدل لأن فيه الفساد كما علمت، وان كسرتها أي همزه إنا تفصل أيضا بأن تقدر معنى التعليل لا المفعولية وبهذا ننجو من الخطإ والفساد.
وليعلم القائل بالتكفير بان المسلم لا يكفر إلا بجحد ما يجب الإيمان به قال تعالى «أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ» منكر البعث وهو أبي بن خلف الذي نزلت فيه الآية حينما أخذ عظما باليا من الأرض وقال يا محمد أترى ربك يحيي هذا بعد ما رمّ؟
فقال نعم ويبعثك ويدخلك جهنم. وانما أغلظ عليه في هذه الجملة لأنه ﷺ لا يغضب لنفسه وانما إذا انتهكت حرمات الله أو استهزأ بها كما هنا يغضب ويشتد غضبه ولهذا قال له ما قال وقيل أن القائل العاص ابن وائل وقيل غيره إذ يجوز أن تكون الآية واحدة لأسباب كثيرة وعموم لفظها لا يقيدها بمن نزلت فيه لأن لا عبرة بخصوص السبب فضلا عن أن الإنسان جاء معرفا بأل الجنسية فتشمل الواحد والمتعدد من جنس الإنسان ويجوز أن تكون أل فيه للاستغراق فيراد بها كل فرد من أفراد الإنسان أي أو لم يبصر هذا الساخر «أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ» زهيدة حقيرة وسويناه رجلا كاملا منها «فَإِذا هُوَ» بعد خلقنا له إعطائه القوة والعقل «خَصِيمٌ» لنا بما أنعمنا به عليه من الخلق والرزق «مُبِينٌ» ٧٧