وأن العرب كانت تعرف الرمي قبل الإسلام لوجود ذكره في أشعارهم في الجاهلية قال بشر ابن أبي حازم:
والعير يرهقها الغبار وجحشها... ينقض خلفها انقضاض الكوكب
وقال اويس بن حجر:
وانقض كالدري يتبعه... نقع يثور تخاله طينا
وقال عوف بن الجزع يصف فرسا:
يرد علينا العير من دون الفه... أو الثور كالدري يتبعه الدم
فهؤلاء جاهليون لا مخضرم فيهم فلو لم تكن قبلا لما نطق بها هؤلاء أما ماهية الجنّ فمختلف فيها، فمنهم من قال إن الجن جسم هوائي يتشكل بأشكال مختلفة، ومنهم من قال انها جواهر ليست بأجسام ولا أعراض وتختلف ماهيتها بعضها عن بعض، فمنها خيّرة كريمة محبة للخيرات، ومنها خسيسة دنيئة شريرة ولعة بالقبائح والآفات، ومنهم من قال إنهم حاصلون في الحيّز موصوفون بالطول والعرض والعمق، فمنهم اللطيف ومنهم، الكثيف، والعلوي والسفلي، ولا يمنع من هذا أن يكون لهم علم مخصوص وقدرة مخصوصة على الأفعال العجيبة التي يعجز عنها البشر كما أشار اليه في سورة ص الآية ٢٧ المارة، وما سيأتي في الآيتين ١٦/ ٣٩ من سورة النمل، والآيتين ١١/ ١٢ من سورة سبأ والآية ٨٢ من الأنبياء في ج ٢، وغيرها مما نورده في محله إن شاء الله، وذلك بإقدار الله إياهم، فمن أنكر شيئا مما تقوم فهو على غير طريقة أهل السنة والجماعة، وإنّ ما أجمعوا عليه في هذا الشأن مستند للكتاب والسنة كما علمت، وان ما تمسّك به المنكرون من أنه لا بدّ من صلابة البنية حتى تكون النفس المتلبسة بها قادرة على الأفعال الشاقة وأن البنية شرط للحياة ولا حياة بلا بنية، كلها أقوال واهية استدرجوا بها لإنكار وجود الجنّ ولم يعلموا أن انكارهم إنكار للقرآن إن كانوا مسلمين وللتوراة والإنجيل ان كانوا يهودا أو نصارى، وهو كفر بحت والعياذ بالله، لأن القادر على خلقهم قادر أن يضع فيهم صلابة بالبنية وحياة فيها، وقدرة على الأفعال


الصفحة التالية
Icon