حرف أو زيادته أو نقصه «عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ١٥» هو يوم القيامة الذي لا أعظم منه هولا، وهذا جواب لكم عما طلبتموه من التبديل، أما الإتيان بقرآن آخر غير هذا فهو خارج عن طوق البشر، فلا أقدر أنا ولا غيري عليه البتة، وهذا وما بعده في الآية رد صريح على من يقول إن القرآن أتى به محمد من عند نفسه، وكثير من آيات هذه السورة جاءت بمعرض الرد على هذا وآيات غيرها في السور الأخرى أيضا صريحة بالردّ على هؤلاء الذين يشكون يكون هذا القرآن من عند الله، وقد أكد ذلك بقوله جل قوله لحبيبه «قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ» لأني أمي كما تعلمون لا أحسن القراءة والكتابة وإن تلاوتي له عليكم أمر غريب أبرزه لكم، وإن إظهار أمر عجيب خارج عن العادة وخارق لها وإن أمّيّا مثلي لم يتعلم ولم يشاهد العلماء أو يجالسهم وقد قضى ردحا من عمره بين أظهركم وأنتم تعلمون ذلك إذ أنتم أميون مثلي فقراءتي عليكم كتابا بكلام فصيح يعلو على كل فصيح مشحونا بالأخبار الغيبية مما لا يعلمه إلا الله لمن أغرب الأمور وأعجبها إن كنتم تعقلون، واعلموا يا قومي أن الله تعالى لو شاء لم ينزله علي ولم يأمرني بتلاوته «وَلا أَدْراكُمْ بِهِ» ولا أعلمكم بذلك على لساني لأن الأمر منوط به وليس لي شيء منه أصلا، لأني عاجز عن الإتيان بشيء منه مثلكم وقرىء (ادرأتكم) بإسناد الفعل إلى حضرة الرسول عطفا على ما تلوته لتوحيد الضميرين، والقراءة المشهورة هي ما في المصاحف بإسناد الضمير إلى الله تعالى وهي أبلغ في المعنى «فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً» مدة أربعين سنة «مِنْ قَبْلِهِ» قبل إنزاله علي من قبل الله وتلاوتي إياه عليكم، فلو كان شيء منه في نفسي لتلوت عليكم خلالها شيئا منه وهذا دليل كاف على ردّ زعمكم بأن هذا القرآن من عندي أو أني تلقيته من الغير، أو أني أقدر على الإتيان بشيء منه، وإلا لوقع منّي ولو بعض آية على طريق السهو على الأقل طيلة تلك المدة. وبما أنكم يا قوم تعلمون عدم وقوع شيء مني من هذا القرآن، ولم أقل لكم إنه أنزل علي شيء منه، ولم أدّع النبوة التي شرفني الله بها إلا بعد مضي الأربعين من عمري، وإذا علمتم هذا وتحققتم عدم ادعائي شيئا من ذلك فاعلموا أنه من عند الله، وأن البشر كلهم عاجزون عن الإتيان بآية