عادتها «وَلا يَنْفَعُهُمْ» إن عبدوها لأنها حجارة لا تحس بالتعظيم والتبجيل والعبادة التي هي أعظم أنواع التعظيم لا تليق إلا لمن يضر وينفع بأن يقدر على الإحياء والإماتة والخير والشر والصحة والمرض والفقر والغنى «وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ» الأوثان جهلا منهم وسخافة بهم «شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ» مع علمهم بأنها لا تضر من جحدها ولا تنفع من اعترف بها، ويقولون ما حكى الله عنهم في الآية ٣ من سورة الزمر الآتية (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى) كما سيأتي بعد من أن هؤلاء العتاة توهموا أن عبادة الأوثان أشدّ وأكثر، في تعظيم عبادة الله وحده لزعمهم أنهم ليسوا بأهل لأن يعبدوا الله الإله الواحد رأسا، بل يعبدون هذه الحجارة والأخشاب، تقربا إلى الله تعالى، ويقولون إنها واسطة بينهم وبينه وإنها تشفع لهم عنده في الدنيا لإصلاح معاشهم، إذ جعلوها على صور رجال صالحين بزعمهم ذوي خطر عندهم ومكانة عالية، أما الآخرة فلا يحسبون لها حسابا لأنهم لا يعتقدون بالبعث بعد الموت، وقد حكى الله عنهم بقوله عز قوله: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ) الآية ٣٩ من سورة النحل الآتية، ومن يقول منهم على طريق الشك إن هناك آخرة فيعتقدون أنها تشفع لهم فيها أيضا عند الله إن كان هناك آخرة على ما يزعم محمد وأصحابه فيها بعث ونشور وحساب وعقاب وجزاء، وإن الشفاعات تنفع لأن محمدا يقول بها فإنا نتخذها لتشفع لنا أيضا وقد عبدناها في الدنيا لتكون شافعة لنا في الآخرة، أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: كان النضر بن الحارث يقول إذا كان يوم القيامة شفعت اللّات والعزّى وفيه نزلت هذه الآية ونزولها فيه لا يقيدها بل تشمل كل من قال قوله بشفاعة الأوثان أو اشتراكها مع الرحمن «قُلْ» يا أكرم الرسل «أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا يَعْلَمُ» وجوده «فِي السَّماواتِ» «وَلا فِي الْأَرْضِ» وتسمونه شريكا له وشفيعا عنده، وهو لا يعلم له شريكا البتة ولم يعط الشفاعة لديه أحدا من أهل السموات والأرض إلا لمن يرضاه ولم يفوض من يرضاه بالشفاعة إلا لمن يرتضيه «سُبْحانَهُ وَتَعالى» من أن يتفوّه أحد بمثل ذلك عليه، وله البراءة والتنزيه «عَمَّا يُشْرِكُونَ ١٨» معه من الأنداد والأضداد، تعالى عن ذلك كله علوا كبيرا. قال تعالى «وَما كانَ النَّاسُ»