«تَبْلُوا» تختبر وقرىء تتلو بتاءين أي تقرأ أو تتبع «كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ» من خير أو شر لأن العمل هو الذي يهدي النفس إلى الثواب أو العقاب «وَرُدُّوا» مع ما يظهر لهم من العمل «إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ» مالكهم ومدبّر أمورهم ومحاسبهم عليه بالعدل المنفرد في ربوبيته، لا ما كانوا يتولونهم في الدنيا مما لا حقيقة له بالربوبية، لأن كلمة مولى تأتي بمعنى المالك وتأتي بمعنى الناصر كما في قوله تعالى:
(ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) الآية ١١ من سورة محمد في ج ٣، كما أنها تأتي بمعنى السيد وبمعنى العبد قال:
ولن يتساوى سادة وعبيدهم | على أن أسماء الجميع موالي |
«قُلْ» هؤلاء المشركين «مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ» غيثا ونباتا أأوثانكم أم الله «أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ» فلا يقدر أن يسمع أحدكم صاحبه إلا بإذن الله «وَالْأَبْصارَ» فلا يستطيع أن يبصر أحدكم صاحبه بها إلا بأمر الله لأنه هو الملك الحقيقي المالك لجوارح الإنسان والحيوان وهو الذي يحميها من الآفات والطوارئ إن شاء الله مدة الحياة مع ما هي عليه من اللطافة، إذ يؤذيها كل شيء، ومن يقدر على خلقها وتسويتها على هذه الصورة العجيبة والهيئة البديعة إلا الله، وإن من يقف على علم التشريح يرى ما يبهر العقل كما بيناه في الآية ٢٨ من سورة فاطر المارة في ج ١ ويحيّر اللبيب، فسبحان الإله الفعال النادر. وليعلم أن علم التشريح يزيد في الإيمان ويقوي العقيدة لمن يريد الله هدايته «وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ» المؤمن من الكافر، والفرخ من البيضة، والزرع من الحبة في الأرض والإنسان والحيوان من النطفة في الرحم «وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ» الكافر من المؤمن، والبيضة من الطير، والحب من الزرع، والنطفة من الإنسان والحيوان «وَمَنْ يُدَبِّرُ