من قوة بقصد سرعة القضاء على خصمه، حتى إذا التحم الفريقان داهمهم بقوته الأخرى كلها فيستأصلهم عن آخرهم، لأنهم يرعبون من الكثرة التي طرأت عليهم غير حاسبين لها حسابها، وإنما قلنا غير المدافع لأن القائد المدافع يجب عليه أن يستعين بكل مالديه من قوة دفعة واحدة كي يستطيع صد المهاجم، وإلا إذا قدم ثلة ثلة فإن العدو يفنيهم أولا بأول، ويستهين بقوتهم القليلة ويطمع بالاستيلاء عليهم، فيكون الغلب له، والقتل والسبي والأسر بالمدافعين «وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ» (٤٥) فيحكم فيها بما يريد وفق ما هو في أزله. قال تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً» كافرة لا عهد لها معكم ولا ذمة «فَاثْبُتُوا» لها ووطنوا أنفسكم على الصبر على الحرب والصدق عند اللقاء، ولا تتصوروا الفرار أو تتخيّلوه أبدا، لأنه متى وقع في قلوبكم جبنتم وكبر عدوكم في أعينكم وألقى الرعب في قلوبكم، فتهزمون، فيستضعفكم عدوكم ويعلو عليكم فتسلبون وتقتلون، فقووا قلوبكم واثبتوا على الصبر واستعينوا بالله ربكم، لا تتكلوا على كثرة أو قلة:
من استعان بغير الله في طلب | فإن ناصره عجز وخذلان |
فليتكم أيها المسلمون ترجعون إلى ما يأمركم به ربكم فتعملون به وتنتهون عما