اقرؤوا الزهراوين البقرة وآل عمران لأنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيابتان (كل ما يظل الإنسان من سماء وغيرها) أو كأنهما فرقان من طير (الجماعة من الطير) صواف يحاجان عن صاحبهما، اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة (السحرة). وتسمى سنام القرآن لأن سنام كل شيء أعلاه وكأن هذه التسمية كانت بسبب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: أي القرآن أفضل؟
فقالوا الله ورسوله أعلم، قال سورة البقرة، ثم قال أي آيها أفضل؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال آية الكرسي. ومن منع تسميتها بالبقرة لا دليل له، لأن أغلب سور القرآن سميت بما جاء فيها كما بيناه في المقدمة. وهي مئنان وست وثمانون آية، وستة آلاف ومئة وإحدى وثمانون كلمة، وخمسة وعشرون ألفا وخمسمائة حرفا.
لا نظير لها في عدد الآي.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قال تعالى: «الم» (١) تقدم الكلام فيه مفصلا أول سورة الأعراف وما بعدها من السور المبدوءة بالحروف المقطعة من بيان المعنى المراد منه، ومن كونه اسما للسورة، ومن أنه فواتح بعض أسماء الله الحسنى، وأنها سرّ من أسرار الله ورمز بينه وبين حبيبه محمد صلّى الله عليه وسلم، وغير ذلك فراجعه في ج ١ و ٢. قال الشعبي هي سر الله فلا تطلبوه. وقيل في المعنى:
بين المحبين سر ليس يغشيه
قول ولا قلم للخلق يحكيه
وقد استأنس بعض الشيعة فاستنبط جملة من أوائل هذه السور تدل على خلافة علي كرم الله وجهه بعد حذف المكرّر منها وهي (صراط علي حق نمسكه) وهي من الظرائف. واستنبط الآلوسي رحمه الله صاحب تفسير روح المعاني جملتين تنضمن الأولى الرد على صاحب الجملة المذكورة، وهي (صح طريقك مع السنة) والثانية تشير لما ورد في حق الأصحاب وهي (طرق سمعك النصيحه) إلماءا إليه، وقد ذكرت أنه لا يعلم ماهيتها وما تشير إليه على الحقيقة إلا الله تعالى والمنزلة عليه والراسخون في العلم على أحد القولين بالوقف كما سيأتي في الآية ٧ من آل عمران الآتية، لأنها من المتشابه، وكل الأقوال الواردة فيها مجرد اجتهاد ليس إلا: