قال أبو محمد:
وقد ذكرت الحديث والتفسير وطريقه في كتاب (غريب الحديث).
وإنما كنى بالقلص- وهي: النّوق الشّوابّ- عن النساء وعرّض برجل يقال له:
جعدة كان يخالف إلى المغيّبات من النساء، ففهم عمر، رضي الله عنه ما أراد، وجلد جعدة ونفاه.
وقال عنترة «١» :

يا شاة ما قنص لمن حلّت له حرمت عليّ وليتها لم تحرم
يعرّض بجارية، يقول: أيّ صيد أنت لمن حلّ له أن يصيدك، فأمّا أنا فإنّ حرمة الجوار قد حرّمتك عليّ.
وقد جاء في القرآن التعريض:
فمن ذلك ما خبّر الله سبحانه من نبإ الخصم إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ [ص: ٢٢]. ثم قال: إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (٢٣) [ص: ٢٣].
إنما هو مثل ضربه الله سبحانه له، ونبهه على خطيئته به.
وورّى عن النساء بذكر النّعاج، كما كنى الشاعر عن جارية بشاة، وكنى الآخر عن النساء بالقلص.
وروى المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قول الله سبحانه، حكاية عن موسى صلّى الله عليه وسلم: لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ [الكهف: ٧٣] : لم ينس ولكنها من معاريض الكلام.
أراد ابن عباس أنه لم يقل: إني نسيت فيكون كاذبا، ولكنه قال: لا تؤاخذني بما نسيت، فأوهمه النسيان، ولم ينس ولم يكذب.
ولهذا قيل: إن في المعاريض عن الكذب لمندوحة «٢».
(١) البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص ٢١٣، والأزهية ص ٧٩، ١٠٣، والأشباه والنظائر ٤/ ٣٠٠، وخزانة الأدب ٦/ ١٣٠، ١٣٢، وشرح شواهد المغني ١/ ٤٨١، وشرح المفصل ٤/ ١٢، ولسان العرب (شوه)، وبلا نسبة في خزانة الأدب ١/ ٣٢٩.
(٢) رواه ابن الأثير الجزري في النهاية في غريب الحديث ٥/ ٣٥ بلفظ: «إن في المعاريض لمندوحة عن [.....]


الصفحة التالية
Icon