والثمانية الأزواج: الضأن، والمعز، والإبل، والبقر.
وإنما جعلها ثمانية وهي أربعة، لأنه أراد: ذكرا وأنثى من كل صنف، فالذكر زوج، والأنثى زوج، والزوج يقع على الواحد والاثنين. ألا ترى أنك تقول للرجل:
زوج، وهو واحد، وللمرأة: زوج، وهي واحدة؟ قال الله تعالى: وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٤٥) [النجم: ٤٥].
وكانوا يقولون: ما في بطون الأنعام حلال لذكورنا ونسائنا، إن كان الجنين ذكرا، ومحرّم على إناثنا إن كان أنثى. ويحرّمون على الرجال والنساء الوصيلة وأخاها، ويزعمون أن الله حرّم ذلك عليهم. فقال الله سبحانه: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [المائدة: ١٠٣].
وقال يقايسهم في تحريم ما حرّموا: قُلْ آلذَّكَرَيْنِ من الضأن والمعز حَرَّمَ الله عليكم أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ؟، فإن كان التحريم من جهة الذكرين: فكل ذكر حرام عليكم، وإن كان التحريم من جهة الأنثيين: فكل أنثى حرام عليكم، أَمِ حرّم عليكم أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ من الأجنّة؟.
فإن كان التحريم من جهة الاشتمال، فالأرحام تشتمل على الذكور، وتشتمل على الإناث، وتشتمل على الذكور والإناث، فكل جنين حرام. أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا أي حين أمر الله بهذا فتكونون على يقين؟ أم تفترونه عليه وتختلقونه؟ توبيخ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام: ١٤٤].
في سورة التين
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (٨) [التين: ٤، ٨].
يريد: عدّلنا خلقه، وقوّمناه أحسن تعديل وتقويم.
ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ، والسّافلون: هم الضعفاء والزّمنى الأطفال، ومن لا يستطيع حيلة، ولا يجد سبيلا. وتقول: سفل يسفل فهو سافل، وهم سافلون. كما تقول: علا يعلو فهو عال وهم عالون. وهو مثل قوله سبحانه: وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ [النحل: ٧٠].


الصفحة التالية
Icon