واحد منهما صاحبه بغير فصل.
والظلّ في أول النهار قبل طلوع الشمس يعمّ الأرض كما تعمّها ظلمة الليل، ثم تطلع الشمس فتعمّ الأرض إلا ما سترته الشّخوص، فإذا ستر الشّخص شيئا عاد الظّل.
فرجوع الظلّ بعد أن كان شمسا، ودورانه من جانب إلى جانب- هو سجوده، لأنه مستسلم منقاد مطيع بالتّسخير، وهو في ذلك يميل، والميل: سجود.
وكذلك قوله: وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦) [الرحمن: ٦]، أي يستسلمان لله بالتّسخير.
وقوله: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (١٥) [الرعد: ١٥]، أي يستسلم من في السموات من الملائكة، ومن في الأرض من المؤمنين طوعا، ويستسلم من فى الأرض من الكافرين كرها من خوف السيف.
وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ مستسلمة.
وهو مثل قوله: وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ [آل عمران: ٨٣].
في سورة ويل لكل همزة
نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) [الهمزة: ٦، ٧].
قوله: تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ أي توفي عليها وتشرف، ويقال: طلع الجبل واطّلع عليه: إذا علا فوقه.
وخصّ الأفئدة، لأنّ الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه. فأخبرنا أنهم في حال من يموت وهم لا يموتون.
وهو كما قال: فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى [طه: ٧٤] يريد أنه في حال من يموت وهو لا يموت.
في سورة محمد صلّى الله عليه وسلم
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ (٢٠) طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (٢١) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) [محمد: ٢٠، ٢٢].