كأنّ مكاكيّ الجواء غديّة | نشاوى تساقوا بالرّياح المفلفل |
وإن شئت جعلتها من قولك: آن لك أن تفعل كذا وكذا، أدخلت عليها الألف واللام ثم تركتها على مذهب (فعل) منصوبة، كما قالوا:
«نهى رسول الله، صلّى الله عليه وسلم عن قيل وقال، وكثرة السّؤال» «١»
فكانتا كالاسمين وهما منصوبتان، ولو خفضتا على النّقل لهما من حدّ الأفعال إلى الأسماء في النّية- كان صوابا.
وسمعت العرب تقول: من شبّ إلى دبّ، ومن شبّ إلى دبّ، مخفوض منون، يذهبون به مذهب الأسماء. والمعنى: مذ كان صغيرا فشبّ إلى أن دبّ كبيرا.
قال الله تعالى: آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) [يونس: ٩١] آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ [يونس: ٥١]، أي أفي هذا الوقت وفي هذا الأوان تتوب وقد عصيت قبل؟
أنّى
أنّي: يكون بمعنيين. يكون بمعنى: كيف، نحو قول الله تعالى أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ [البقرة: ٢٥٩] أي كيف يحييها؟ وقوله: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: ٢٢٣] أي كيف شئتم.
وتكون بمعنى: من أين، نحو قوله: قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [التوبة: ٣٠] وقوله: أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ [الأنعام: ١٠١].
والمعنيان متقاربان، يجوز أن يتأول في كل واحد منهما الآخر.
وقال الكميت «٢» :
(١) روي الحديث بطرق وأسانيد متعددة، أخرجه البخاري في الرقاق باب ٢٢، والزكاة باب ٥٣، والاعتصام باب ٣، والأدب باب ٦، ومسلم في الأقضية حديث ١٠، ١١، ١٣، ١٤، والدارمي في الرقاق باب ٣٨، ومالك في الكلام حديث ٢٠، وأحمد في المسند ٢/ ٣٢٧، ٣٦٠، ٣٦٧، ٤/ ٢٤٦، ٢٤٩، ٢٥٠، ٢٥١، ٢٥٥، وابن عدي في الكامل في الضعفاء ٣/ ١٢٩٧، والربيع بن حبيب في مسنده ٢/ ٤٢.
(٢) البيت من المنسرح، وهو للكميت بن زيد في شرح شواهد الشافية ص ٣١٠، وشرح المفصل ٤/ ١٠٩، ١١١، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٤٢، والهاشميات ص ٥٦، وتفسير الطبري ٢/ ٣٣٦،
(٢) البيت من المنسرح، وهو للكميت بن زيد في شرح شواهد الشافية ص ٣١٠، وشرح المفصل ٤/ ١٠٩، ١١١، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٤٢، والهاشميات ص ٥٦، وتفسير الطبري ٢/ ٣٣٦،