على كافلهم- قصر الرجال على ما بين الواحدة إلى الأربع من النساء، ولم يطلق لهم ما فوق ذلك، لئلا يميلوا.
وقولهم: أين قوله: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ من قوله: ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [المائدة: ٩٧] ؟.
وتأويل هذا: أن أهل الجاهلية كانوا يتغاورون ويسفكون الدماء بغير حقها، ويأخذون الأموال بغير حلّها، ويخيفون السّبل، ويطلب الرجل منهم الثأر فيقتل غير قاتله، ويصيب غير الجاني عليه، ولا يبالي من كان بعد أن يراه كفأ لوليّه ويسمّيه: الثأر المنيم، وربما قتل أحدهم حميمه بحميمه.
قال ابن مضرّس وقتل خاله بأخيه «١» :
بكت جزعا أمّي رميلة أن رأت | دما من أخيها بالمهنّد باقيا |
لا تجزعي إنّ طارقا | خليلي الذي كان الخليل المصافيا |
وما كنت لو أعطيت ألفي نجيبة | وأولادها لغوا وستين راعيا |
لأقبلها من طارق دون أن أرى | دما من بني حصن على السيف جاريا |
وما كان في عوف قتيل علمته | ليوفيني من طارق غير خاليا |
وقال الشاعر «٢» :
هم قتلوا منكم بظنّة واحد | ثمانية ثم استمرّوا فأرتعوا |
فجعل الله الكعبة البيت الحرام وما حولها من الحرم، والشهر الحرام، والهدي، والقلائد- قواما للناس. أي أمنا لهم، فكان الرجل إذا خاف على نفسه لجأ إلى الحرم فأمن. يقول الله جل وعز: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [العنكبوت: ٦٧].
(٢) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في المعاني الكبير لابن قتيبة ص ١٠٢١.