وأصل (التّشابه) : أن يشبه اللفظ اللفظ في الظاهر، والمعنيان مختلفان. قال الله جل وعز في وصف ثمر الجنة: وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً [البقرة: ٢٥]، أي متّفق المناظر، مختلف الطّعوم. وقال: تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ [البقرة: ١١٨] أي يشبه بعضها بعضا في الكفر والقسوة.
ومنه يقال: اشتبه عليّ الأمر، إذا أشبه غيره فلم تكد تفرّق بينهما، وشبّهت عليّ:
إذا لبّست الحقّ بالباطل، ومنه قيل لأصحاب المخاريق أصحاب الشّبه، لأنهم يشبّهون الباطل بالحق.
ثم قد يقال لكلّ ما غمض ودقّ متشابه، وإن لم تقع الحيرة فيه من جهة الشّبه بغيره، ألا ترى أنه قد قيل للحروف المقطّعة في أوائل السّور: متشابه، وليس الشك فيها، والوقوف عندها لمشاكلتها غيرها، والتباسها بها.
ومثل المتشابه (المشكل). وسمي مشكلا: لأنه أشكل، أي دخل في شكل غيره فأشبهه وشاكله.
ثم قد يقال لما غمض- وإن لم يكن غموضه من هذه الجهة-: مشكل.
وقد بيّنت ما غمض من معناه لا لتباسه بغيره، واستتار المعاني المختلفة تحت لفظه، وتفسير (المشكل) الذي ادّعي على القرآن فساد النّظم فيه.
وقدّمت قبل ذلك (أبواب المجاز) : إذ كان أكثر غلط المتأوّلين من جهته.
وأرجو أن يكون في ذلك ما شفي مرض القلوب، وهدى من الحيرة، إن شاء الله.


الصفحة التالية
Icon