والأرض معقلنا وكانت أمّنا | فيها مقابرنا وفيها نولد |
منها خلقنا وكانت أمّنا خلقت | ونحن أبناؤها لو أننا شكر |
هي القرار فما نبغي بها بدلا | ما أرحم الأرض إلا أنّنا كفر |
وقال في أزواج النبي، صلّى الله عليه وسلم: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ [الأحزاب: ٦]، أي: كأمهاتهم في الحرمات.
وفي (التوراة) (إنّ الله برّك اليوم السابع وطهّره، من أجل أنه استراح فيه من خليقته التي خلق).
وأصل الاستراحة: أن تكون في معاناة شيء ينصبك ويتعبك، فتستريح.
ثم ينتقل ذلك فتصير الاستراحة بمعنى: الفراغ. تقول في الكلام: استرحنا من حاجتك وأمرنا بها. تريد فرغنا، والفراغ، أيضا يكون من الناس بعد شغل.
ثم قد ينتقل ذلك فيصير في معنى القصد للشيء، تقول: لئن فرغت لك، أي قصدت قصدك.
وقال الله تعالى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١) [الرحمن: ٣١]. والله تبارك وتعالى لا يشغله شأن عن شأن. ومجازه: سنقصد لكم بعد طول التّرك والإمهال.
وقال قتادة: قد دنا من الله فراغ لخلقه. يريد: أن الساعة قد أزفت وجاء أشراطها.
وتأوّل قوم في قوله تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (٨) [الانفطار: ٨] معنى (التناسخ). ولم يرد الله في هذا الخطاب إنسانا بعينه، وإنما خاطب به جميع الناس كما قال: يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً [الانشقاق: ٦] كما يقول القائل: يا أيها الرجل، وكلّكم ذلك الرجل.
فأراد أنه صوّرهم وعدّلهم، في أيّ صورة شاء ركّبهم: من حسن وقبح، وبياض
(١) البيتان من البسيط، وهما في ديوان أمية بن أبي الصلت ص ٣٢.