كميش الإزار خارج نصف ساقه صبور على الجلّاء طلّاع أنجد
وقال الهذليّ «١» :
وكنت إذا جاري دعا لمضوفة أشمّر حتّى ينصف السّاق مئزري
ومنه قول الله عز وجل: وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا [النساء: ٤٩] وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً [النساء: ١٢٤] والفتيل: ما يكون في شقّ النّواة. والنّقير: النّقرة في ظهرها. ولم يرد أنهم لا يظلمون ذلك بعينه، وإنما أراد أنهم إذا حوسبوا لم يظلموا في الحساب شيئا ولا مقدار هذين التّافهين الحقيرين.
والعرب تقول: ما رزأته زبالا. (والزبال) ما تحمله النّملة بفمها، يريدون ما رزأته شيئا.
وقال النابغة الذّبياني «٢» :
يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو ثم لا يرزأ العدوّ فتيلا
وكذلك قوله عز وجل: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ [فاطر: ١٣] وهو (الفوقة) التي فيها النّواة. يريد ما يملكون شيئا.
ومنه قوله عز وجل: وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (٢٣) [الفرقان: ٢٣] أي قصدنا لأعمالهم وعمدنا لها. والأصل أنّ من أراد القدوم إلى موضع عمد له وقصده.
والهباء المنثور: ما رأيته في شعاع الشمس الداخل من كوّة البيت.
والهباء المنبثّ: ما سطع من سنابك الخيل. وإنما أراد أنّا أبطلناه كما أنّ هذا مبطل لا يلمس ولا ينتفع به.
ومنه قوله: وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ [إبراهيم: ٤٣] يريد أنها لا تعي خيرا، لأن المكان إذا
(١) البيت من الطويل، وهو لأبي جندب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ١/ ٣٥٨، وشرح شواهد الشافية ص ٣٨٣، ولسان العرب (جور)، (ضيق)، (نصف)، (كون)، والمعاني الكبير ص ٧٠٠، ١١١٩، وبلا نسبة في شرح المفصل ١٠/ ٨١، والمحتسب ١/ ٢١٤، والممتع في التصريف ٢/ ٤٧٠، والمنصف ١/ ٣٠١.
(٢) البيت من الخفيف، وهو لعبد قيس بن خفاف في الحيوان ٤/ ٣٧٩، والأغاني ١١/ ١٦، وللنابغة الذبياني في ديوانه ص ١٣٥ (طبعة دار الكتاب العربي)، والشعر والشعراء ص ١٧١، وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٤/ ٤٧٢، والمخصص ١٣/ ٢٥٤.


الصفحة التالية
Icon