ومنه قوله سبحانه: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ [الأنعام: ١٤٦] أي كلّ ذي مخلب من الطير، وكلّ ذي حافر من الدّواب كذلك قال المفسّرون:
وسمّى الحافر ظفرا على الاستعارة، كما قال الآخر وذكر ضيفا طرقه «١» :

فما رقد الولدان حتّى رأيته على البكر يمريه بساق وحافر
فجعل الحافر موضع القدم.
وقال آخر «٢» :
سأمنعها أو سوف أجعل أمرها إلى ملك أظلافه لم تشقّق
يريد بالأظلاف: قدميه، وإنما الأظلاف للشاء والبقر.
والعرب تقول للرجل: (هو غليظ المشافر) تريد الشفتين، والمشافر للإبل.
وقال الحطيئة «٣» :
قروا جارك العيمان لمّا جفوته وقلّص عن برد الشّراب مشافره
ومنه قوله تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) [الحاقة: ٤٤، ٤٦].
قال ابن عباس: اليمين هاهنا: القوّة. وإنما أقام اليمين مقام القوّة، لأن قوة كل شيء في ميامنه.
ولأهل اللغة في هذا مذهب آخر قد جرى الناس على اعتياده: أن كان الله عز وجل أراده في هذا الموضع، وهو قولهم إذا أرادوا عقوبة رجل: خذ بيده وافعل به كذا
(١) البيت من الطويل، وهو لجبيهاء الأسدي في لسان العرب (حفر)، والتنبيه والإيضاح ٢/ ١١٠، وتاج العروس (حفر)، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ١٣١٣، والمخصص ٦/ ١٣٤، وكتاب الصناعتين ص ٢٣٣، والموازنة ص ٣٦، والموشح ص ٩١.
(٢) البيت من الطويل، وهو لعقفان بن قيس بن عاصم في لسان العرب (ظلف)، وسمط اللآلي ص ٧٤٦، وتاج العروس (ظلف)، وبلا نسبة في كتاب الصناعتين ص ٢٣٤، والموازنة ص ٣٦، وجمهرة اللغة ص ١٣١٢، وأمالي القالي ٢/ ١٢٠.
(٣) يروى صدر البيت بلفظ:
سقوا جارك العيمان لما تركته والبيت من الطويل، وهو في ديوان الحطيئة ص ٢٥، وجمهرة اللغة ص ١٣١٢، والموشح ص ٩١، والموازنة ص ٣٦، وكتاب الصناعتين ص ٢٣٣، والبيت بلا نسبة في المخصص ٤/ ١٣٦، ١٢/ ١٨١.


الصفحة التالية
Icon