قال الله تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧) يُؤْلُونَ: يقسمون، والأليّة: الحلف، يقال: آلى يولي إيلاء وأليّة، قال كثيّر:
| قليل الألايا حافظ ليمينه | فإن سبقت منه الأليّة برّت |
التربص: النظر، أو التوقف.
فاؤُ رجعوا، من الفيء بمعنى الرجوع من حال إلى حال، ومنه قوله تعالى:
حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات: ٩] وقول الشاعر:
| ففاءت ولم تقض الّذي أقبلت له | ومن حاجة الإنسان ما ليس قاضيا |
وقد اختلف أهل التأويل في صفة اليمين التي يكون المرء بها موليا، فقال بعضهم: لا يكون موليا إلا إذا حلف على ترك غشيانها إضرارا بها، أما إذا حلف لا على وجه الإضرار فلا يكون موليا، ونسب هذا إلى علي رضي الله عنه، وابن عباس، وابن شهاب.
أخرج ابن جرير «١» عن أبي عطية أنه توفي أخوه، وترك ابنا له صغيرا، فقال أبو عطية لامرأته: أرضعيه، فقالت: إني أخشى أن تغيلهما. فحلف ألا يقربها حتى تفطمهما، ففعل حتى فطمتهما، فخرج ابن أخي أبي عطية إلى المجلس، فقالوا:
لحسن ما غذّي أبو عطية ابن أخيه، قال: كلا، زعمت أم عطية أني أغيلهما، فحلفت ألا أقربها حتى تفطمهما، فقالوا له: قد حرّمت عليك امرأتك، فذكرت ذلك لعلي رضي الله عنه فقال علي: إنما أردت الخير، وإنما الإيلاء في الغضب.
وقال آخرون: إنه يكون موليا سواء أحلف على ترك غشيانها إضرارا بها، أم لمصلحة.
قال الشعبي: كلّ يمين منعت جماعا حتى تمضي أربعة أشهر، فهي إيلاء.
(١) في تفسيره جامع البيان، المشهور بتفسير الطبري (٢/ ٢٥٠).