وجعلت الغنى بين عينيه، واتجرت له من وراء كل تاجر. وعزتي وجلالي، ما من عبد آثر هواه على هواي إلا كثرت همومه، وفرقت عليه ضيعته، ونزعت الغنى من قلبه، وجعلت الفقر بين عينيه، ثم لا أبالي في أي واد هلك» «١».
قوله تعالى: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [٩] قال: أي ومن يوق حرص نفسه وبخلها على شيء هو غير الله وغير ذكره، فأولئك هم الباقون مع الله حياة طيبة بحياة طيبة.
[سورة الحشر (٥٩) : آية ١٤]
لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (١٤)
قوله تعالى: تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى [١٤] قال: أهل الحق مجتمعون، وأهل الباطل متفرقون أبداً، وإن اجتمعوا في أبدانهم وتوافقوا في الظاهر، فإن الله تعالى يقول في كتابه العزيز:
تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى [١٤].
[سورة الحشر (٥٩) : الآيات ١٨ الى ١٩]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (١٩)
قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ [١٨] قال:
يسأل الله تعالى العبد عن حق نفسه، وحق العلم الذي بينه وبين ربه، وحق العقل، فمن كان له فليؤدِّ حق نفسه وحق العلم الذي بينه وبين ربه بحسن النظر لنفسه في عاقبة أمره.
وحكي عن الحسن أنه قال: إذا مات ابن آدم قالت بنو آدم: ما ترك، وقالت الملائكة: ما قدم؟.
قوله: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ [١٩] عند الذنوب فَأَنْساهُمْ [١٩] الله الاعتذار وطلب التوبة.
قال: ما من عبد أذنب ذنبا ولم يتب إلا جره ذلك الذنب إلى ذنب آخر وأنساه الذنب الأول، وما من عبد عمل حسنة إلا جرته تلك الحسنة إلى حسنة أخرى، وبصره عقله تقصيره في الحسنة الأولى، لكي يتوب من تقصيره في حسناته الماضية، وإن كانت خالية صحيحة.
[سورة الحشر (٥٩) : آية ٢٢]
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (٢٢)
قوله تعالى: عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ [٢٢] قال: الغيب السر، والشهادة العلانية.
وقال تعالى أيضاً: عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ [٢٢] عالم بالدنيا والآخرة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.