على آل أبي أوفى» «١» حين أتوه بالصدقات، أي ترحم عليهم. وقال سهل: حدثنا محمد بن سوار عن أبي عمرو بن العلاء «٢» أنه قال: الصلاة على ثلاثة أوجه، أحدها: الصلاة المفروضة بالركوع والسجود كما قال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر: ٢] أي خذ شمالك بيمينك في الصلاة متذلّلاً متخشعاً بين يدي الله تعالى، كذا روي عن علي رضي الله عنه. والوجه الثاني: الترحم. والوجه الثالث: الدعاء مثل الصلاة على الميت، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا دُعِيَ أحدُكم إلى الطعام فليجب فإن كان صائماً فليصلِّ» «٣» أي فليَدعُ لهم بالبركة. وقال عليه الصلاة والسلام في حديثه: «وصلَّت عليكم الملائكة» «٤» أي ترحَّمت عليكم. وقال عليه الصلاة والسلام في حديثه: «وإذا أكل عنده الطعامُ صلَّت عليه الملائكة حتى يمسي» أي دعت له الملائكة. قال سهل: الصلاة على وجهين أحدهما الاستغفار، والآخر المغفرة، فأما الاستغفار فقوله: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ [التوبة: ١٠٣] أي استغفر لهم وَصَلَواتِ الرَّسُولِ [التوبة: ٩٩] أي استغفار الرسول. وما المغفرة فقوله تعالى:
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ [الأحزاب: ٤٣] أي يغفر لكم وملائكته، أي يستغفرون لكم، ومثله:
إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب: ٥٦] أي أن الله يغفر للنبي، وتستغفر له الملائكة ثم قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ [الأحزاب: ٥٦] أي استغفروا له. وفي البقرة: صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ [١٥٧] أي مغفرة من ربهم.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٦١]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١)
قوله: عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ [١٦١] أي الطرد لهم من رحمة الله والإبعاد، وكذلك كلّ ملعون مطرود.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٦٦]
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦)
قوله: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ [١٦٦] أي الوصلات التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا، وتنعقد المودات بينهم من أجلها من غير طاعة الله ورسوله وغير مرضاته.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٨٦]
وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)
قوله:
فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي [١٨٦] قال: بالدعاء، وَلْيُؤْمِنُوا بِي [١٨٦] أي يصدقوني، فأنا حيث ما دعاني مخلصاً لا آيساً ولا قنطا.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٩٧]
الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ (١٩٧)
قوله: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى [١٩٧] قال:
هو الرفيق إلى ذكر الله تعالى خوفاً، إذ لا زاد للمحب سوى محبوبه، وللعارف سوى معروفه.
وقال في قوله: مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران: ٩٧] قال: الزاد والراحلة، ثم قال: أتدرون
(٢) أبو عمرو بن العلاء: زبان بن عمار التميمي المازني البصري، أبو عمرو، ويلقب أبوه بالعلاء (٧٠- ١٥٤ هـ) من أئمة اللغة والأدب، وأحد القراء السبعة. ولد بمكة، ونشأ بالبصرة، وتوفي بالكوفة. (الأعلام ٣/ ٤١).
(٣) صحيح مسلم: باب الأمر بإجابة الداعي ١٤٣١ وسنن الترمذي: باب ما جاء في إجابة الصائم الدعوة ٧٨٠ وسنن أبي داود: باب في الصائم ٢٤٦٠.
(٤) مسند أحمد ٣/ ١٣٨ وصحيح ابن حبان ١٢/ ١٠٧ رقم ٥٢٩٦ والسنن الكبرى ١٠١٢٩.